كتاب الشافي في شرح مسند الشافعي (اسم الجزء: 2)

الفصل الحادي عشر
في زيارة القبور
أخبرنا الشافعي -رضي الله عنه- أخبرنا مالك، عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن، عن أبي سعيد الخدري أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "ونهيتكم عن زيارة القبور فزوروها ولا تقولوا هجرًا".
هذا طرف من حديث طويل قد أخرجه مالك (¬1) هكذا مرسلاً، والإرسال بن ربيعة وأبي سعيد، وقد روى من وجه آخر متصلاً بأبي سعيد (¬2)، والحديث: أن أبا سعيد قدم من سفر ففدم إليه لحمًا، فقال: انظروا أن يكون هذا من لحوم الأضاحي؟. فقالوا: هو منها. فقال أبو سعيد: ألم يكن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نهى عنها؟. فقالوا: إنه كان من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بعدك أمر، فخرج أبو سعيد فسأل عن ذلك، فأخبر أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "نهيتكم عن لحوم الأضاحي بعد ثلاث، فكلوا وتصدقوا وادخروا، ونهيتكم عن الانتباذ فانتبذوا، وكل مسكر حرام، ونهيتكم عن زيارة القبور فزوروها ولا تقولوا هجرًا".
يعني: سوءًا وفحشًا من القول.
والذي ذهب إليه الشافعي: أن الرجال يستحب لهم زيارة القبور ويكره للنساء.
قال الشافعي: ولا بأس بزيارة القبور ولكن لا يقال عندها هجرًا، وذلك مثل الدعاء بالويل والثبور والنياحة.
¬__________
(¬1) الموطأ (2/ 485 رقم 8).
(¬2) قال ابن عبد البر في التمهيد: (لم يسمع ربيعة من أبي سعيد الخدري، وهذا الحديث يتصل من غير حديث ربيعة، ويستند إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - من طرق حسان من حديث علي بن أبي طالب، وأبي سعيد، وبريدة الأسلمي، وجابر، وأنس، وغيرهم وهو حديث صحيح.

الصفحة 431