كتاب الشافي في شرح مسند الشافعي (اسم الجزء: 2)

صلاتك ولم يقل مكانًا حتى سكت على قوله: "في بيتي" ثم قال: "اتخذه مصلى" جاز عود الضمير في "اتخذه" إلى البيت لا إلى المكان الذي صلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فيه، فلما قال: مكانًا عاد الضمير إليه؛ واختص بالمكان الذي يصلي فيه من بيته.
"واتخذه" يجوز: أن يكون مرفوعًا لأنه صفة المكان.
ويجوز: أن يكون مجزومًا لأنه جواب الأمر.
والمصلَّى: موضع الصلاة لأن ما زاد من الأفعال على الثلاثي فإن الموضع، والوقف، والمصدر، واسم المفعول فيه سواء على المفعل (بضم الميم وفتح العين) نحو: المدخل، والمكرم، والمستخرج.
وفي هذا الحديث من الفقه سوى جواز ترك الجماعة للعذر، وسوى كون هذه الأشياء المذكورة عذرًا: اتخاذ موضع من البيت مسجدًا، وإقامة الجماعة في البيوت.
وجواز استدعاء الصغير الكبير إلى منزله لغرض يخصه، وإجابة الكبير للصغير في استدعائه وسؤاله.
والذي أراده الشافعي من هذا الحديث هاهنا: جواز إمامة الأعمى بدليل أنه أورد الرواية الثانية واقتصر منها على قوله: "إنه كان يؤم قومه وهو أعمى" لم يزد على هذا.
والذي ذهب إليه الشافعي: أن إمامة الأعمى جائزة كالبصير، ولم يرجح أحدهما على الآخر لأنه قال في كتاب "الإمامة": الأعمى والبصير في الإمامة سواء.
وقد اختلف أصحابه أيهما أولى؟
فقال قوم: البصير أولى لأنه يتوقى النجاسات.
وقال قوم: الأعمى أولى لأنه أخشع في صلاته من البصير.

الصفحة 5