كتاب الشافي في شرح مسند الشافعي (اسم الجزء: 3)

وقال الثوري: يعطي عشرة دراهم أو شاتين. وهو قول أبي عبيدة.
وقال مالك: على رب المال أن يبتاع السن التي وجبت عليه.
وقال أبو حنيفة: يأخذ الساعي قيمتها.
وكل هذه الأقوال محكمات وعادلة عن صريح النص.
الحكم الرابع: إخراج القيمة في الزكاة:
وفي الحديث دليل على أنها لا تجوز. وهو قول أكثر أهل العلم، لأنه قال: إذا لم [يجد] (¬1) السن الواجبة يأخذ السن الموجودة، ويعطي قيمة التفاوت بينهما، ولو كانت القيمة جائزة لم يعدل عنها إلى أخذ سن أخرى وإعطاء تفاوتها.
وقال أبو حنيفة: يجوز دفع القيمة في الزكاة وإن كانت السنن موجودة.
وأخبرنا الشافعي -رضي الله عنه- قال: أخبرنا مسلم، عن ابن جريج قال: قال لي ابن طاوس: عند أبي كتاب من العقول نزل به الوحي، وما فرض رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من العقول أو الصدقة فإنما نزل به الوحي.
إنما أراد الشافعي بهذا الحديث تأكيد حديث أنس المتقدم، وبيان ما قلناه.
وفي تفسير قوله: هذه فريضة الصدقة التي فرضها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يريد أن (فَرَضه رسول الله) فإنما هو من قبل الوحي وأمْر الله لا من ذات نفسه ويصدق ذلك قول الله تعالى: {وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى} (¬2).
والعقل: جمع عقل وهو الدية، وهو في الأصل: مصدر عقلت البعير أعقله عقلاً إذا شددته بعقال، وذلك أن أولياء القاتل كانوا يقودون الإبل التي يعطونها في الدية إلى فناء المقتول، فكانوا يعقلونها أي: يسلمونها إلى مستحقيها، فسميت الدية عقلاً، ثم كثر الاستعمال فنقل العقل إلى كل دية، سواء أكانت إبلًا أم بقرًا أم غنمًا أم ذهبًا أم فضة، فسموها وغلب الاسم عليها لكثرة الاستعمال.
والوحي في العربية: الإشارة والرمز، والوحي: الكتاب، والكتابة،
¬__________
(¬1) سقط من الأصل وأثبتها لضرورة السباق.
(¬2) [النجم: 3].

الصفحة 26