كتاب الشافي في شرح مسند الشافعي (اسم الجزء: 3)

ما في هذا الحديث من ألفاظ ومعان قد تقدم بيانها في حديث أنس، وما ليس في حديث أنس فنذكره.
السائمة في الغنم: هي التي ترعى وليست معلومة، يقال: سامت الغنم والماشية تسوم سومًا، وأسمتها أنا إذا أخرجتها إلى المرعى، وهي صفة لواحدة تقول: شاة سائمة، وقد تقع على الجماعة على تقدير أن تكون صفة جماعة سائمة.
وفي هذا اللفظ دليل على أن غير السائمة لا زكاة فيها، لأن الشيء إذا كان بقيوده ويتعاقب عليه وصفان لازمان، فعلق الحكم بأحد وصفيه كان ما عداه بخلافه.
وقوله: "فإذا زادت على الثلاثمائة ففي كل مائة شاة" يدل على أن المائتين لما توالت أعدادها حتى بلغت ثلاثمائة، وعلقت الصدقة الواجبة فيها بمائة مائة؛ ثم قيل: فإذا زادت عرف أن هذه الزيادة اللاحقة بها أنها هي مائة لا ما دونها؛ لأنه قال: فإذا زادت على الثلاثمائة ففي كل مائة شاة ولم يقل ففيها شاة.
والهرمة: الكبيرة المسنة.
والعَوراء -بفتح العين-: العيب، وقد تضم.
وهذا الحكم إذا كان ماله أو بعضه سليمًا من العيب، وإن كان ماله معيبًا فيؤخذ آخذ من أوسطه.
وقال مالك: يُكلّف أن يأتي بصحيحة.
وقوله: "ولا تيس الغنم" يريد الفحل إذا كانت ماشيته إناثًا أو بعضها، فلا يؤخذ الذكر إنما تؤخذ الأنثى، فإن كانت كلها ذكورا أخذ الذكر في الصدقة.
وقوله: "إلا ما شاء المصدِّق" يريد إذا اختار الساعي، هكذا يرويه جماعة من الرواة والفقهاء، وكان أبو عبيد يرويه "المصدق" -بفتح الدال- يريد صاحب الماشية، وخالفه الناس.

الصفحة 29