كتاب الشافي في شرح مسند الشافعي (اسم الجزء: 3)

وهذا الاسثناء الذي فرضه إلى العامل يدل على أن له الاجتهاد، لأن يده كَيدِ المساكين وهو بمنزلة الوكيل لهم.
وقوله: "لا يجمع بين مفترق، ولا يفترق بين مجتمع، خشية الصدقة"
معناه أن الجمع بين المتفرق فيه أمران:
أحدهما: من جانب التكثير.
والثاني: من جانب التقليل.
أما جانب التكثير فهو: أن يكون لرجلين -مثلًا- ثمانون شاة، فليس عليهما فيها إلا شاة واحدة، فإن تميز نصيب كل واحد منهما وجب عليهما شاتان.
وأما جانب التقليل فهو: أن يكون ثلاثة نفر -مثلًا- ويكون لكل واحد أربعون شاة، وقد وجب على كل واحد في غنمه شاة فإذا أتاهم المصدق جمعوها لئلا يكون عليهم فيها إلا شاة واحدة، فنهوا عن ذلك.
وأما التفريق بين المجتمع: فهو الشريكين يكون لكل واحد منهما مائة شاة وشاة، فيكون عليهما فيها ثلاث شياه، فإذا جاءهما المصدق فرقا غنمها فلم يكن على كل واحد منهما إلا شاة واحدة، فنُهوا عن ذلك.
قال الشافعي -رضي الله عنه-: الخطاب في هذا للمصدق ورب المال، والخشية خشيتان: خشية الساعي أن، [تقل] (¬1)، وخشية رب المال أن يقل ماله، فأمر كل واحد أن لا يُحْدِث في المال شيئًا من الجمع أو التفريق.
وانتصب خشية الصدقةة، لأنه مفعول له أي يجمع ويفرق خوفًا من الصدقة الواجبة على الحال.
وقوله: "وما كان من خليطين فإنهما يتراجعان" هذا إنما يصح في خلطة المجاورة لا خلطة المشاركة، وسنذكر الحكم في ذلك آخرًا، وهاهنا نذكر معنى
¬__________
(¬1) في الأصل [تقول] والمثبت من المعرفة (6/ 63). ولفظ هناك [... تقل الصدقة]

الصفحة 30