كتاب الشافي في شرح مسند الشافعي (اسم الجزء: 3)

الأعداد دون العشرة، فإنه يضاف إلى لفظ الجمع، تقول: خمسة رجال، وخمس نساء، وعليه خمس ذود، والذي أوقع هذا القائل بوهمه أن قوله: "خمس ذود" يريد خمس جماعات من الإبل، وليت شعري لو سلم له هذا لم يصح له، لأن إبل الذود ثنتان أو ثلاث فعلى الأول: يكون الخمس عشر.
أو على الثاني: يكون الخمس خمس عشرة.
فكيف فسر الخمس بخمس وعشرين؟ وكان يلزمه أن يقول على هذا القياس أن خمسة دراهم هي خمسة وعشرون ولا قائل بهذا أصلاً.
والإبل: اسم لجماعة البعران ذكورها وإناثها ولا واحد لها من لفظها، وهي مؤنثة لأن أسماء الجموع التي لا واحد لها من لفظها إذا كانت لغير الآدمي فالتأنيث لها لازم، وإذا صغرتها دخلتها التاء المربوطة فقلت: أبيلة وغنيمة، وربما سكنوا الباء في الإبل تخفيفًا، وينسبون إليها بفتح الباء تخفيفًا أيضًا وهربًا من توالي الكسرات، فليس في العربية فعل بوزن إبل إلا صفتان، قالوا: امرأة بان ضخمة، وأتان أبد، وأمة أبد إذا كانت ولودًا (¬1)، وقالوا في الأسماء: أطل وهي الحاضرة.
والمراد بالصدقة في هذا الحديث: الصدقة الواجبة التي هي زكاة الأموال.
والأوسق: جمع الوسق -بفتح الواو- وهو ستون صاعًا، والصاع: مكيال يسع خمسة أرطال وثلث بالرطل العراقي، وهو صاع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - المشهور عنه بالحرمين، وبه أخذ الشافعي، وهو عند أهل العراق ثمانية أرطال، وبه أخذ أبو حنيفة.
والصاع: أربعة أمداد، والمد: رطل وثلث أو رطلان على اختلاف المذهبين.
فيكون الوسق على مذهب الحجازين: ثلاثمائة وعشرين رطلاً، والخمسة أوسق ألف وستمائة رطل.
¬__________
(¬1) قال في اللسان: ليس في كلام العرب فعل إلا أَبِد وأَبِل وبِلح ونَكِح وخَطِب إلا أن يتكلف متكلف فيبني على هذه الأحرف ما لم يسمع عن العرب انظر مادة أبد.

الصفحة 36