الفصل الرابع
في مزدلفة والإفاضة منها
أخبرنا الشافعي: أخبرنا سفيان، عن محمد بن المنكدر، عن سعيد بن عبد الرحمن بن مربوع، عن جويبر بن حويرث قال: "رأيت أبا بكر الصديق واقفا على قزح وهو يقول: أيها الناس اسفروا (¬1)، ثم دفع فكأني انظر فخذه مما يحرش بعيره بمحجنه".
هذا الحديث ذكره الشافعي في كتاب "الحج" من الأمالي، وعاد ذكره في كتاب الحج الأكبر (¬2) عقيب إسناد حديث، وذلك أنه قال: أخبرنا مسلم بن خالد، عن ابن جريج، عن أبي الزبير، عن جابر. ولم يذكر لهذا إسناد متن حديث، ثم قال: وأخبرنا سفيان، عن محمد بن المنكدر. وذكر هذا الحديث.
قال البيهقي: هكذا جمع بين هذين الإسنادين في المختصر الكبير، وذلك يوهم أن يكون جابر روى عن أبي بكر الصديق مثل ما روى ابن الحويرث عنه.
قال: وعندي أنه ذكر إسناد حديث جابر، فلعله شك في شيء من متن حديثه وتركه وصار إلى حديث أبي بكر، على أن لجابر رواية في قصة دفع النبي - صلى الله عليه وسلم - من مزدلفة، حين أسفر جدًا قبل أن تطلع الشمس، ويشبه أن يكون حديث أبي الزبير عن جابر في إفاضة النبي - صلى الله عليه وسلم -، وعليه السكينة وأمره بها أن يرموا الجمار مثل حصى الخذف وإيضاعه في وادي محسر. والله أعلم.
والإسفار: الإضاعة وانتشار ضوء النهار.
قزح: جبل مزدلفة وهو المشعر الحرام.
¬__________
(¬1) في الأم (أصبحوا)
(¬2) الأم (2/ 213)