كتاب الشافي في شرح مسند الشافعي (اسم الجزء: 3)

وأما أبو داود (¬1): فأخرجه عن أحمد بن حنبل، عن سفيان.
وأما النسائي (¬2): فأخرجه عن محمد بن عبد الله بن عبد الحكم، عن أشهب، عن داود بن عبد الرحمن، عن عمرو بن دينار، عن عطاء بن أبي رباح، عن ابن عباس.
يريد بضعفة أهله: النساء والمرضى والمعذورين، لأن المبيت بمزدلفة ليلة العيد نسك من مناسك الحج وليس بركن.
ويحكى عن الشعبي والنخعي أنهما قالا: هو ركن. فإن لم يبت بها أو دفع منها قبل نصف الليل ففي وجوب الدم قولان:-
أحدهما: يجب. وبه قال مالك وهو إحدى الروايتين عن أحمد.
والثاني: لا يجب. وهو الرواية الأخرى عن أحمد.
وقال أبو حنيفة: إذا لم يكن فيها بعد طلوع الفجر وجب عليه الدم، إلا أن يكون له عذر، وإذا كان فيها بعد طلوع الفجر وقبل طلوع الشمس فلا شيء عليه.
وأخبرنا الشافعي -رضي الله عنه- عن داود بن عبد الرحمن العطار وعبد العزيز بن محمد الدراوردي، عن هشام بن عروة، عن أبيه قال: "دار رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى أم سلمة يوم النحر، فأمرها أن تعجل الإفاضة من جمع حتى تأتي مكة فتصلي بها الصبح وكان يومها وأحب أن توافقه".
وفي رواية: "أن يوافيه"
وأخبرنا الشافعي قال: أخبرني من أثق به من المشرقيين عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن زينب بنت أبي سلمة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - مثله.
هذا الحديث استدل به الشافعي: على جواز الإفاضة من جمع -وهي مزدلفة- بليل قبل طلوع الفجر. مؤكدًا لما سبق وتحقيقًا لما ذهب إليه، فإن
¬__________
(¬1) أبو داود (1939).
(¬2) النسائي (5/ 266).

الصفحة 536