كتاب الشافي في شرح مسند الشافعي (اسم الجزء: 3)

مسكين، عن ابن وهب، عن يونس [عن ابن شهاب] (¬1)، عن سالم قال: "كان ابن عمر ينكر الاشتراط، ويقول: أليس حسبكم سنة رسول الله" وذكر لفظ البخاري.
والذي ذهب إليه الشافعي (رضي الله عنه): أن الإحصار لا يخلو أن يكون بعدو أو غيره، فإن كان المحصر عدوًا وسواء كان مشركًا أو غير مشرك جاز له التحلل، وإن كان المحصر مرضًا فلا يجوز له أن يتحلل لمرضه.
وروي ذلك عن ابن عباس وابن عمر وابن الزبير. وبه قال مالك وأحمد وإسحاق قالوا: لا حصر إلا حصر العدو.
وقال قوم: الإحصار بكل حابس حبس الحاج من عدو ومرض وغير ذلك.
وبه قال عطاء والنخعي والثوري وأصحاب الرأي وأبو ثور. وروى عن ابن مسعود.
قال الشافعي: قال الله -جل ثناؤه-: {وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ وَلَا تَحْلِقُوا رُءُوسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ} (¬2) قال: فلم أسمع ممن حفظت عنه من أهل العلم بالتفسير مخالفًا في أن هذه الآية نزلت بالحديبية، حين أحصر النبي - صلى الله عليه وسلم - وحال المشركون بينه وبين البيت، وأن النبي - صلى الله عليه وسلم - نحر بالحديبية وحلق ورجع حلالاً، ولم يصلِّ إلى البيت ولا أصحابه إلا عثمان بن عفان وحده.
قال الشافعي (رضي الله عنه): ونحر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في الحل، وقد قيل: نحر في الحرم، وإنما ذهبنا إلى أنه نحر في الحل وبعض الحديبية في الحل وبعضها في الحرم لأن الله -تعالى- يقول {وَصَدُّوكُمْ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَالْهَدْيَ مَعْكُوفًا أَنْ يَبْلُغَ مَحِلَّهُ} (¬3) والحرم كله محله عند أهل العلم فحيث ما
¬__________
(¬1) سقط من الأصل والمثبت من النسائي.
(¬2) البقرة: 196.
(¬3) الفتح:25.

الصفحة 549