كتاب الشافي في شرح مسند الشافعي (اسم الجزء: 3)

وتقليدها النعلين: هو من العلامات التي كانوا يعلمونها، وقد كانوا يقلدونها فلا بد من صوف أو قطن أو قشر شجرة أو نحو ذلك.
قال الشافعي -رضي الله عنه- والاختيار في الهدي أن يتركه صاحبه مستقبل القبلة، ويقلده النعلين ثم يشعره في الشق الأيمن.
والإشعار: أن يضربه بحديدة في سنام البعير وسنام البقرة حتى يدمي، ويذكر اسم الله -تعالى- على الإشعار.
وبه قال مالك وأحمد وأبو يوسف، إلا أن مالكًا وأبا يوسف قالا: يشعرها من الجانب الأيسر.
وقال أبو حنيفة: الإشعار غير جائز.
فإن كانت شاة: فقلدها عرى القرب ولا يشعرها. وبه قال أحمد.
وقال أبو حنيفة ومالك: لا يقلدها، فإن ترك التقليد والإشعار جاز.
وأخبرنا الشافعي -رضي الله عنه- أخبرنا مسلم، عن ابن جريج، عن نافع عن ابن عمر "أنه كان لا يبالي في أي الشقين أشعر في الأيمن أو في الأيسر".
هذا الحديث: بيان لأن الإشعار جائز في كلى الشقين، وإنما أخذ الشافعي بما رواه ابن عباس عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه أشعر في الشق الأيمن، والعمل بحديث ابن عباس أولى، لأنه مرفوع وهذا موقوف، لأنه حديث صحيح مخرج في الصحاح وهذا قد ساوى فيه بين الشقين أيهما أشعر جاز له، والاقتداء بالسنة أولى.
وقد اخرج الشافعي في القديم (¬1): عن مالك، عن عبد الله بن أبي بكر، عن عمرة بنت عبد الرحمن "أن زيادًا كتب إلى عائشة أن ابن عباس قال: من أهدى هديًا حرم عليه ما يحرم على الحاج حتى ينحر، قالت عائشة: ليس كما قال ابن عباس، أنا فتلت قلائد هدي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بيدي، ثم قلدها رسول الله - صلى الله عليه وسلم -
¬__________
(¬1) المعرفة (7/ 517).

الصفحة 556