كتاب الشافي في شرح مسند الشافعي (اسم الجزء: 3)

بعصفور. قال مالك: ليس عليه العمل.
وإنما أورده الشافعي إلزامًا لمالك فيما ترك من قول أهل المدينة.
وقال الشافعي: في قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "أقروا الطير على مكناتها" أن علم العرب كان في الطير والبوارج والخط والاعتياف، فكان أحدهم إذا غدا من منزله يريد أمرًا نظر أول طائر يراه فإن سبح عن يساره واختال عن يمينه قال: هذا طير الأيامن ومضى في حاجته ورأى أنه سيستنجحها، وإن سبح عن يمينه ومر عن يساره، قال: هذا طير الأشائم فرجع وقال: هذه مشؤومة، قال الحطيئة يمدح أبا موسى الأشعري:
لا يزجر الطير سُنُحًا إن عرضن له ... ولا يفيض على قسم بأزلام
يعني أنه سلك طريق الإِسلام في التوكل على الله، وترك زجر الطير.
وقال بعض الشعراء العرب يمدح نفسه:
ولا أنا يزج الطير همه ... أصاح غراب أم تعرض ثعلب
قال: وكان العربي في الجاهلية إذا لم ير طير سانحًا، فرأى في وكره حرَّكه من وكره ليطير فينظر أسلك له طريق الأشائم أم طريق الأيامن، ويشبه قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "أقروا الطير على مكناتها" أي لا تحركوها فإن تحريكها وما يعلمون به من الطير لا يصنع شيئًا، وإنما يصنع فيما يوجهون به قضاء الله -عز وجل- وقد سئل النبي - صلى الله عليه وسلم - عن الطيرة، فقال: "إنما ذلكم شيء تجدونه في أنفسكم ولا يصدنكم".
وأخرج الشافعي: عن عبد الوهاب، عن خالد الحذاء، عن أبي المليح، عن نبيشة قال: "سأل رجل - صلى الله عليه وسلم - فقال: يا رسول الله، إنا كنا نعتر عتيرة في رجب، فما تأمرنا؟ فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "اذبحوا لله في أي شهر ما كان،

الصفحة 575