كتاب الشافي في شرح مسند الشافعي (اسم الجزء: 3)

من النبيين والأمم الخاليين، أنه جاء البيت أحد قط إلا حرامًا, ولم يدخل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مكة- علمناه إلا حرامًا، إلا في حرب الفتح، فبهذا قلنا أن سنة [الله] (¬1) في عباده ألا يدخلوا الحرم إلا حرامًا، إلا أن من أصحابنا من أرخص للحطابين ومن مدخله إياها لمنافع أهلها.
ثم علق القول فيهم وقطع في الإملاء بالرخصة لهم.
قال: وأكره لكل من دخل مكة من الحل -من أهلها وغير أهلها- أن يدخلها إلا محرما وإن كثر اختلافه، إلا للذين يدخلونها في كل يوم من خدم أهلها الحطابين وغيرهم، فإني أرخص لأولئك أن يدخلوها بغير إحرام، ويحرمون في بعض السنة إحرامًا واحداً، ولو أحرموا أكثر منه كان أحب إلي.
قال: ومن المدنيين من قال: لا بأس أن يدخلوا بغير إحرام واحتج بأن عمر دخل مكة غير محرم، قال: وابن عباس يخالفه.
وأخبرنا ابن عيينة، عن عمرو، عن أبي الشعثاء أنه رأى ابن عباس يرد من جاوز الميقات غير محرم.
قال: ومن دخل مكة خائفًا لحرب فلا بأس. أي هذا يدخلها بغير إحرام.
وأخبرنا مالك، عن ابن شهاب، عن أنس "أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - دخل مكة عام الفتح وعلى رأسه المغفر، فلما نزعه جاءه رجل فقال: يا رسول الله، إن ابن خطل متعلق بأستار الكعبة، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - "اقتلوه".
قال مالك: ولم يكن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يومئذٍ محرمًا.
قال الشافعي -رضي الله عنه- حرم الله -تعالى- مكة، ثم أبان رسول
¬__________
(¬1) من الأم (2/ 141).

الصفحة 584