كتاب الشافي في شرح مسند الشافعي (اسم الجزء: 3)

يكون فوقه ولهذا قالوا: إن قولهم: لا رجل في الدار جوابُ قولهم: هل من رجل في الدار؟ لا جواب هل رجل في الدار؟ لأن موضوعه لاستغراق النفي فاقتضت استفهامًا مستغرقًا، وإذا قلت: هذا رجل في الدار؟ جاز أن تريد باستفهامك هل فيها رجل واحد أو أكثر منه؟ وأن تريد هل فيهما رجل أو امرأة؟ وليس كذلك هل من رجل في الدار؟.
والزكاة: من النماء والزيادة، زكا المال يزكو إذا زاد ونما، وأزكاه الله وزكا الرجل ماله تزكية؛ إذا أدى ما يجب عليه فيه من الزكاة المفروضة.
وقول الله عز وجل {خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا} (¬1) أي تزيدهم وبتلك لم بها، وقيل: التزكية هاهنا المبالغة في التطهير.
والزكاة (¬2): أركان الإسلام التي هي عليها الإسلام، ولا يجوز لمن وجبت عليه أن يمنعها، ومن منعها منكرًا وجوبها فقد كفر، إلا أن يكون حديثَ عهد بالإسلام ولم يعلم وجوبها, وليس في المال حقّ سوى الزكاة، إلا ما حُكي عن الشَّعْبي ومجاهد أنهما قالا: يجب عليه يوم حصاد السنبل وصرام النخل، أن يلقي للمساكين منه شيئًا ولا يُعتد به من الزكاة.
وقوله: "مُثل له" أي جعل مثله، تقول: مثلت له كذا تمثيلاً إذا صورت له مثاله، يريد أن يجعل له الذي لم يُعِدّ زكاته أو الزكاة التي لم يؤدها، والأول أشبه بلفظ الحديث. مثل الشجاع الأقرع: وهو الحية التي قد قرُع رأسُها لطول عمرها وحِدَّة سمها، فهي أشد حثيًا وأنفسه سمًا.
ومُثل: يتعدى إلى مفعولين، تقول: مثلت السمع فرسًا، فلما بني الفعل في الحديث ولم يُسَمَّ فاعله تعدى إلى مفعول واحد، فقال: مثل له -يعني ماله- شجاعًا.
¬__________
(¬1) [التوبة: 103].
(¬2) كذا بالأصل والظاهر أنه وقع سقط في العبارة، والسياق يستقيم إذا أضفنا مثلا "من، أو: أحد".

الصفحة 6