كتاب الشافي في شرح مسند الشافعي (اسم الجزء: 3)

وأخبرنا الشافعي -رضي الله عنه-: أخبرنا مالك، عن عبد الله بن دينار، عن أبي صالح السَّمان، عن أبي هريرة أنه كان يقول: "من كان له مال لم يؤد زكاته، مُثِّل له يوم القيامة شجاع أقرع له زبيبتان، يطلبه حتى يمكنه يقول: أنا كنزك".
هذا الحديث هكذا جاء في المسند موقوفًا على أبي هريرة، وكذلك أخرجه مالك في الموطأ (¬1)، وهو حديث صحيح مرفوع أخرجه البخاري والنسائي.
أما البخاري (¬2): فأخرجه عن علي بن عبد الله، عن [هاشم] (¬3) بن القاسم، عن عبد الرحمن بن عبد الله بن دينار، عن أبيه بالإسناد قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "من آتاه الله مالاً فلم يؤد زكاته، مُثل له يوم القيامة شجاعاً أقرع له زبيبتان يطوقه يوم القيامة، ثم يأخذ بِلهْزِمته -يعني شِدْقيه- ثم يقول: أنا مالك، أنا كنزك، ثم تلا: {وَلَا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَبْخَلُونَ} (¬4) الآية".
وأما النسائي (¬5): فأخرجه عن الفضل بن سهل، عن حسن بن موسى الأشيب، عن عبد الرحمن بن عبد الله بن دينار بالإسناد، ولفظ البخاري، ولم يقل يعني شدقيه.
أدى يؤدي فهو مؤدٍ، والمال مؤدًى، والاسم الأداء إذا أعطى ما عليه وقضاه، وله في الشرع اختصاص: وهو ما يُعطى عند محله وفي وقته فإن خرج وقته سُمي قضاًء لا أدًاء، وهذا تخصيص شرعي وإلا فإذا هو القضاء في اللغة.
والزبيبتان: هما الزبدتان، الشدقين، يقال: كلم فلان حتى تزببت شدقاه، أي حتى خرج الزبد عليهما، ومنه الحية ذات الزبيبتين.
وقيل: هما الوكنتان السوداوان فوق عيني الحية.
¬__________
(¬1) "الموطأ" (1/ 219) رقم (22).
(¬2) "البخاري" (1403).
(¬3) في الأصل "هشام" وهو تصحيف والمثبت من رواية البخاري.
(¬4) آل عمران: [180].
(¬5) "النسائي" (5/ 39).

الصفحة 8