كتاب الشافي في شرح مسند الشافعي (اسم الجزء: 4)

تفسير لزمان الزهو كأنه قال: نهى عن بيع الثمار إلى حين احمرارها.
والأول أفصح وأصح؛ لأن الزهو ليس هو وقت الاحمرار وإنما هو الاحمرار نفسه أو الاصفرار.
وقوله: "أرأيتم" بمعنى أخبروني، هكذا استعمله العرب، وقد يضيفون إليها كاف الخطاب فيقولون: أرأيتكم، وأرأيتك، ومنه قوله تعالى: {أَرَأَيْتَكُمْ إِنْ أَتَاكُمْ عَذَابُ اللهِ} (¬1) و {أَرَأَيْتَكَ هَذَا الَّذِي كَرَّمْتَ عَلَيَّ} (¬2) و {أَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ} (¬3).
ويحمار ويصفار لغة في يحمر ويصفر بزيادة الألف تقول: احمر البسر واحمار، واصفر واصفار إذا كانت العمرة والصفرة فيه غير ثابتة إنما تميل إليه مرة بعد أخرى، فإذا أرادوا بها ثابتة لازمة؛ قالوا: أحمر وأصفر.
وقال في رواية البخاري: "نهي عن بيع الثمرة حتى يبدو صلاحها".
هذا إطلاق عام لجميع الفواكه، ولما كان الصلاح متنوعًا ومختلفًا في اللون والطعم وغير ذلك وكان القول مطلقًا في جميع الثمار؛ قال: حتى يبدو صلاحها مطلقًا, ولما خصص ذكر النخل بالنهي، خصص الصلاح بالحمرة والصفرة؛ لأنهما الغالب على ألوان البسر؛ وإنما يسود منه ما اسود ويرطب بعد الاحمرار والاصفرار.
وأخبرنا الشافعي -رضي الله عنه- أخبرنا سعيد بن سالم، عن ابن جريج، عن عطاء، عن جابر -إن شاء الله-: "أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نهى عن بيع الثمر حتى يبدو صلاحه".
قال ابن جريج: "فقلت: أخص جابر النخل أو الثمرة؟ فقال: بل النخل،
¬__________
(¬1) سورة الأنعام: (40).
(¬2) سورة الإسراء: (62).
(¬3) سورة الفرقان: (43).

الصفحة 11