كتاب الشافي في شرح مسند الشافعي (اسم الجزء: 4)

أنها كراء الأرض بالثلث والربع ولم يرد بالثلث والربع تخصيصهم من جملة الأقسام كالنصف والخمس والسدس وغير ذلك؛ إنما أراد بهما ضرب المثال، وكذلك ليس لتخصيصه بمائة فرق في المحاقلة والمزابنة حدًّا؛ إنما يريد به ضرب المثال، والفَرق بسكون الراء معروف بالمدينة يسع ستة عشر رطلًا وقد يحرك، ويجمعان على فرقان، بَطْن وبَطْنَان، وحمل وحملان، وقال الشيخ أبو نصر بن الصباغ: والفرق -بالفتح- مكيال يسع ستة عشر رطلاً، فأما بالسكون فإنه يسع مائة وعشرون رطلًا. وهذا لا يعرفه أصحاب اللغة.
"والثُّنْيَا": أن يستثني من المبيع شيء مجهول فيفسد الجميع، ولهذا قال: "إلا [أن يعلم] (¬1) مقدارها" وهي فُعلى من الاستثناء، وقيل: هو أن يبيع الشيء جزافًا", ولا يجوز أن يستثني منه شيئًا قَلُّ أم كَثُر، وتكون الثُّنْيَا في الزراعة أن يستثني بعد النصف أو الثلث شيئًا معلومًا، والذي ذهب إليه الشافعي في المحاقلة: أنها بيع الحنطة في سنبلها بحنطة كما جاء في هذا الحديث، وقال مالك هي إكراء الأرض للزرع بالحب، ولا يجوز عند الشافعي بيع الحنطة في سنبلها بالحنطة؛ لأنه يكون قد باع حنطة بحنطة مع الجهالة بالتساوي، وباعها بها نسيئة وذلك لا يجوز؛ لأن المساواة والتقابض شرط في بيع الحنطة بالحنطة وهذا مجهول، وفيه النسيئة.
قال الربيع: قلنا للشافعي: إن علي بن معبد أخبرنا بإسناد عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: "أنه أجاز بيع القمح في سنبله إذا ابيض" قال: أما هو فغرر؛ لأنه يحول دونه لا يرى فإن ثبت الخبر عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قلنا به، وكان هذا خاصًّا مستخرجًا من عام؛ لأن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نهى عن بيع الغرر وأجاز هذا، وكذلك أجاز بيع الشقص من الدًّار، فجعل فيه الشفعة لصاحب الشفعة وإن كان فيه غرر، وكان خاصًّا مخرجًا [من] (¬2) عام.
¬__________
(¬1) تكررت في "الأصل".
(¬2) ليست في "الأصل" والمثبت من "معرفة السنن والآثار" (8/ 80).

الصفحة 28