كتاب الشافي في شرح مسند الشافعي (اسم الجزء: 4)

واسترد المشتري الثمن إذا كان المبيع جزافًا لا مقدَّرًا.
قال الشافعي: وبهذا نقول، فمن ابتاع شيئًا كائنًا ما كان فليس له أن يبيعه حتى يقبضه، وذلك أن [من] (¬1) باع ما لم يقبض؛ فقد دخل في المعنى الذي يروي بعض الناس عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال ذلك لعتاب بن أسيد حين وَجَّهه إلى مكة: "انههم عن بيع ما لم يقبضوا، وربح ما لم يضمنوا".
قال الشافعي: فهذا بيع ما لم يُقبض وربح ما لم يُضمن.
وأخبرنا الشافعي -رضي الله عنه- أخبرنا سعيد بن سالم القداح، عن ابن جريج، عن عطاء بن أبي رباح عن صفوان بن موهب، عن عبد الله بن محمد ابن صيفي، عن حكيم بن حزام أنه قال: قال لي رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "ألم أنبأ -أو ألم يبلغني، أو كما شاء الله من ذلك- أنك تبيع الطعام؟ قال حكيم: بلى يا رسول الله، قال: لا تبيعن طعامًا حتى تشتريه وتستوفيه".
وأخبرنا الشافعي -رضي الله عنه- أخبرنا سعيد بن سالم عن ابن جريج، عن عطاء -ذلك أيضًا- عن عبد الله بن عصمة، عن حكيم بن حزام أنه سمعه منه عن النبي - صلى الله عليه وسلم -.
وقد أخرج المزني عن الشافعي -رضي الله عنه- عن عبد الوهاب، عن خالد الحذاء، عن عطاء، عن حكيم قال: "كنا نشتري الطعام، فنهاني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن أبيع طعامًا حتى أقبضه".
هذا حديث حسن.
قوله: "ألم أنبَّأْ أنك تبيع" استفهام تقرير وتثبيت، بخلاف قولك لو قلت: أتبيع، فإن الأول يتضمن أنك عارف أنه يبيع، وأنه يعلم أنك لم ترد باستفهامه زيادة معرفة وعلم ببيعه، إنما تريد به تقريره وتثبيته على ما عُرف من حاله.
¬__________
(¬1) ليست في "الأصل"، والمثبت من الأم (3/ 69، 70)، ومعرفة السنن والآثار (8/ 107).

الصفحة 34