كتاب الشافي في شرح مسند الشافعي (اسم الجزء: 4)

القاسم قال: "سمعت ابن عباس ورجل يسأله عن رجل سلف في سبائِب -قال الربيع سبائك- فأراد أن يبيعها قبل أن يقبضها، قال ابن عباس: تلك الورق بالورق وكره ذلك".
قال مالك: وذلك فيما نرى -والله أعلم- لأنه أراد أن يبيعها من صاحبها الذي اشتراها منه بأكثر من الثمن الذي ابتاعها به، ولو باعها من غير الذي اشتراها منه لم يكن ببيعه بأس.
هذا حديث الموطأ (¬1) أخرجه بالإسناد، وقال: "سبائت" بدل "سبائك"، والذي جاء في نسخ المسند في الموضعين "سبائك".
والذي رواه البيهقي في السنن والآثار (¬2): "سبائب" وقال: قال الربيع "سبائك".
"والسبائب" جمع سبيبة وهي شقة كتان رقيقة، وقيل: هي المقانع، وأما السبائك فلا يخلو أن يكون الشافعي قالها ونقلها عنه الربيع، أو يكون الشافعي قال "السبائب" كما قال مالك وتوهم الربيع أنها السبائك فقالها، وقول أبي العباس الأصم في الحديث: قال: الربيع: "سبائك" يحتمل الأمرين، ولكن لما كان الأصم قد عرف أن مالكًا إنما روى في الموطأ "السبائب" وروى عنه الربيع "السبائك" قال: قال الربيع: "السبائك" حتى لا يُظَن أنه هو الذي قالها، وإنْ كان الشافعي هو الذي قالها فيكون قد رواها عن مالك من طريقه "السبائك" ورواه غيره عن مالك "السبائب".
"والسبائك" يريد بها الدقيق الحواري الأبيض، ومنه حديث عمر بن الخطاب -رضي الله عنه-: "لو شئنا لملأنا الرحاب صلائق وسبائك" أي ما سبك من الدقيق ونخل فأخذ خالصه.
¬__________
(¬1) الموطأ (1340).
(¬2) معرفة السنن والآثار (8/ 137).

الصفحة 36