كتاب الشافي في شرح مسند الشافعي (اسم الجزء: 4)

ثم قال: "إن الله لا يستحيي من الحق" حين صرح بهذا اللفظ حيث ذكر القبل والدبر، والوطء فيهما, ولم يكن التصريح بأمثال هذه الألفاظ من عادته إلا في موضع الحاجة إلى البيان والإيضاح، كما قال لماعز في استفساره عن زناه في المرة الثالثة أو الرابعة: "أنكتها".
ثم عقب كلامه بصريح النهي فقال: "لا تأتوا النساء في أدبارهن".
وتفصيل المذهب: أن المزني حكى عن الشافعي -رضي الله عنه- في القديم أنه قال: ذهب بعض أصحابنا في إتيان النساء في أدبارهن إلى إحلاله وآخرون إلى تحريمه، ثم قال في آخر الباب: وقال الشافعي: ولا أرخص فيه بل أنهى عنه وحكى محمد بن عبد الله بن عبد الحكم عن الشافعي أنه قال: ما صح عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في تحريمه ولا تحليله شيء والقياس أنه حلال.
قال الربيع: كذب والذي لا إله إلا هو، وقد نص الشافعي على تحريمه في ستة كتب، وروي تحريمه عن علي، وعبد الله، وابن عباس، وابن مسعود، وأبي الدرداء، ومجاهد، وبه قال أبو حنيفة وأصحابه، وأحمد، وروي عن زيد ابن أسلم، ونافع، إباحته، واختلف أصحاب مالك، فروي [عنه] (¬1) أنه قال: ما أدركت أحدًا أقتدي به في ديني يشك في أنه حلال، ويقال: إنه نص عليه في كتاب السر، وأهل العراق من أصحابه ينكرون ذلك. والله أعلم.
وأخبرنا الشافعي -رضي الله عنه- أخبرنا مالك، عن ابن شهاب، عن سالم ابن عبد الله، عن أبيه، أن عمر بن الخطاب قال: "ما بال رجال يطؤون ولائدهم ثم يعزلون؛ لا تأتيني وليدة يعترف سيدها أن قد أَلَمُّ بها؛ إلا ألحقت به ولدها، فاعزلوا بعد أو اتركوا".
¬__________
(¬1) تكررت في "الأصل".

الصفحة 409