كتاب الشافي في شرح مسند الشافعي (اسم الجزء: 4)

فانطلقوا وانطلقت بين أيديهم حتى جئت أبا طلحة، فقال أبو طلحة: يا أم سليم، قد جاء رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالناس، وليس عندنا ما نطعمهم فقالت: الله ورسوله أعلم. فانطلق أبو طلحة حتى لقي رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فأقبل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - معه حتى دخلا، فقال رسول الله: هلمي ما عندك يا أم سليم. فأتت بذلك الخبز، فأمر به رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فَفُتَّ، وعصرت عليه أم سليم عُكَّةً لها فَأَدَمَتْهُ، ثم قال فيه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ما شاء الله أن يقول، ثم قال: ائْذَن لعشرة.
فأذن لهم، فأكلوا حتى شبعوا، ثم خرجوا، ثم قال: ائْذَن لعشرة. فأذن لهم فأكلوا حتى شبعوا ثم خرجوا، ثم قال: ائْذن لعشرة. حتى أكل القوم كلهم وشبعوا، والقوم سبعون رجلاً أو ثمانون".
قوله: "ردتني ببعضه" أي جعلته لي رداء.
و"هلمي" أحضري.
و"العكة" وعاء السمن وهي معروفة.
و"أَدَمَتْه" أي جعلت فيه إدمًا، وهو ما يؤكل مع الخبز.
والذي ذهب إليه الشافعي -رضي الله عنه-: أن ما عدا الوليمة من الأطعمة فإن الإجابة إليها مستحبة، وقال أحمد: لا يستحب.
قال الشافعي: إتيان دعوة الوليمة حق، والوليمة التي نعرف: وليمة العرس، قال: وكل دعوة دعى لها رجل قاسم الوليمة يقع عليها، فلا أرخص لأحد في تركها.
قال: ولو تركها لم يَبِنْ لي أنه عاصٍ في تركها كما يَبين لي في وليمة العرس؛ لأني لا أعلم النبي - صلى الله عليه وسلم - ترك الوليمة على عرس، ولم أعلمه أَوْلَمَ على غيره.
قال: وأحب للرجلِ إذا دعا الرجلَ إلى طعام أن يجيبه.

الصفحة 414