كتاب الشافي في شرح مسند الشافعي (اسم الجزء: 4)

نازلاً بها ولم يكن أهل المدينة يعرفونها؛ فلذلك أنكروها لا انتسبت لهم.
وقولها: "فلما حللت" كلام فيه اختصار لأنها تريد فلما مات زوجي أبو سلمة بعد ذلك وحللت -تعني: انقضاء العدة- خطبني رسول الله - صلى الله عليه وسلم -.
وقولها: "ما مثلي نكح" قد جاء تفسيره في قولها: "فلا ولد لي، وإني امرأة غيور، وذات عيال".
وأما قولها: "أما أنا فلا ولد لي" تريد أنها كبيرة لا يولد لها، يدل على صحة ذلك: قول النبي - صلى الله عليه وسلم - لها: "أنا أكبر منك" ويشهد لذلك: ما جاء في "مسند أحمد بن حنبل" (¬1) في بعض روايات هذا الحديث قولها: "فقالت: يا رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، إن في ثلاث خصال؛ أنا امرأة كبيرة، فقال: "أنا أكبر منك".
وجاء في رواية أخرى (¬2) "فقالت: ما مثلي نكح أما أنا فلا ولد في" أي لا يرجى أن يجيء مني ولد؛ لكبري. فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "أنا أكبر منك".
فقولها في هذه الرواية: "لا ولد في" يدل على أنها أرادت بقولها: "لا ولد لي" أي لا يرجى لي أن ألد، هذا إن صحت الرواية بقولها: "لا ولد لي".
وأما "زناب" فهو لفظ مبني من اسم زينب، وليس تصغيرًا لها, ولكنه تغيير للاسم حيث هى صغيرة، فكأنه - صلى الله عليه وسلم - كان إذا دخل على أم سلمة حين تزوجها يرى بنتها زينب -وكانت صغيرة- في حجرها، فيكره أن يفرق بينهما رفقًا بهما فيسأل عنها لذلك، فلما جاء عمار بن ياسر وعرف ذلك من لطف أخلاق رسول الله - صلى الله عليه وسلم - "اختلجها" أي استلبها بسرعة وأخذها من حجرها؛ لعلمه بما يريده رسول الله من ذلك، ولذلك قال عمار: "هذه تمنع
رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ".
¬__________
(¬1) المسند (6/ 320).
(¬2) المسند (6/ 321).

الصفحة 421