كتاب الشافي في شرح مسند الشافعي (اسم الجزء: 4)

وإنما فعل عمار ذلك؛ لأنه كان أخا أم سلمة من الرضاعة، وقد صرح به في "مسند أحمد" (¬1) قال: "فعلم بذلك عمار وكان أخاها من الرضاعة فأتاها فقال: أين هذه المشقوحة المقبوحة التي قد آذيت بها رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؟ فأخذها وذهب بها".
وجاء في رواية أخرى (¬2) قال: "فبلغ ذلك عمار بن ياسر، فأتاها فقال: حلت بين رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وبين حاجته، هلمي الصبية. فأخذها واسترضع لها".
و"الثفال" الجلد الذي يبسط تحت رحا اليد لنقي الدقيق من التراب، وهذا يدل على أنها لما أخرجت الشعير من الجرّ طحنته ثم عصدته أو صعدته، والصعد في الأصل: اللَّيُّ، تقول: عصده عصدًا إذا لواه، ومنه سميت العصيدة لأنك تعصدها بالمِسواط، أي تلويها فتنقلب ولا يبقى في الإناء منها شيء إلا انقلب.
وأما قوله: "أو صعدته" فإنه هكذا جاء في المسند بالشك، ولم أجده مشروحًا في موضع، فإن صحت الرواية فمعناه والله أعلم: أن ما يكون من المقلوب مثل: جذب وجبذ بمعنى واحد.
وإما أن يكون من قولهم: [خل] (¬3) مصعد، وشراب مصعد إذا عولج بالنار، والتصعيد الإذابة، حكى ذلك الأزهري.
قال الخطابي: وقوله: "إن شئت سبعت لك وإن سبعت لك سبعت لنسائي" ليس فيه دليل على سقوط حقها الواجب لها وهو الثلاث إذا لم يسبع، ولو كان ذلك حقها الواجب لها إذا لم يسبع بمعنى التبدئة ثم يحتسب عليها لم يكن للتخيير معْنى؛ لأن الإنسان لا يُخَيَّر بين جميع الحق وبين بعضه، فدل على
¬__________
(¬1) مسند أحمد (6/ 295).
(¬2) مسند أحمد (6/ 320) , (6/ 321).
(¬3) ليست في "الأصل"، والمثبت من لسان العرب (3/ 255).

الصفحة 422