كتاب الشافي في شرح مسند الشافعي (اسم الجزء: 4)

أما الكلب فلأفه نجس الذات حرام الثمن، والزنا حرام فالعوض المأخوذ عنه أيضًا حرام، والتكهن باطل لا أصل له، وقد نهى الشرع عنه؛ فالأجر عليه حرام، فبيع الكلب لا يصح سواء كان مُعَلّمًا أو غير مُعَلَّم، وبه قال الحسن البصري وربيعة وحماد وأحمد وداود.
وقال أبو حنيفة: يجوز بيعه، وعنه في الكلب العقور رواية أنه لا يجوز بيعه.
واختلف أصحاب مالك، فمنهم من قال: يجوز بيعه، ومنهم من قال: المأذون في إمساكه يكره بيعه ويصح.
ومعنى هذا النهي في الحديث أنه عام في أكلها واقتنائها واكتسابها وقبولها، وعن جميع التصرفات الجارية في غيرها من الأشياء المباحة.
وروى الربيع، عن الشافعي، عن بعض من كان يناظره، قال: أخبرني بعض أصحابنا، عن محمد بن إسحاق، عن عمران بن أبي أنس: "أن عثمان أغرم رجلاً ثمن كلب قتله عشرين بعيرًا".
قاله الشافعي: فقلت له: أرأيت لو ثبت هذا عن عثمان، كنت لم تصنع شيئاً في احتجاجك على شيء ثبت عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، والثابت عن عثمان خلافه؟ قال: فاذكره، قلت: أخبرنا الثقة، عن يونس، عن الحسن قال: "سمعت عثمان يخطب وهو يأمر بقتل الكلاب".
قال الشافعي: فكيف يأمر بقتل ما يُغَرِّم من قتله قيمته.
قال البيهقي: هذا الذي روي عن عثمان في إغرام ثمن الكلب منقطع، وهذا الحديث في معنى الكلب والبغي والكاهن أخرجه الشافعي في كتاب البيوع، وعاد فأخرجه في كتاب اختلافه مع مالك، ثم زاد في آخره: قال مالك: وإنما كره بيع الكلاب الضواري وغير الضواري بنهي النبي - صلى الله عليه وسلم - عن ثمن الكلب.

الصفحة 43