كتاب الشافي في شرح مسند الشافعي (اسم الجزء: 4)

ممن يحسنه، وليس في الحديث ما يدل على أنه جعل مهرها دَينًا عليه إلى أجل، فكان الظاهر أنه جعل تعليمه القرآن إياها مهرًا لها، كيف وقد صرح زائدة في روايته عن أبي حازم، عن سهل بن سعد قال: "انطلق فقد زوجتكها بما تعلمها من القرآن".
وفيه من الفقه أن المنافع يجوز أن تكون صداقًا كأعيان الأموال، وتدخل فيه الإجارات وما كان في معناها من خياطة ثوب، ونقل متاع، ونحو ذلك، وبه قال مالك وأحمد.
وقال أبو حنيفة: لا يجوز أن يكون هذا.
وفيه دليل على [جواز أخذ] (¬1) الأجرة على تعليم القرآن.
وفيه دليل على أنه لا حَدَّ لأقل المهر.
وفيه أنه لم يسألها هل أنت في عدة من تزوج أو على شبهة ونحو ذلك أم لا، وهذا شيء يفعله الحكام احتياطًا، فلو تركه تارك وجعل الأمر على ظاهر الحال وصدقها على قولها كان ذلك جائزًا ما لم يعلم خلافه.
والذي ذهب إليه الشافعي أن النكاح بلفظ الهبة لا ينعقد عنده، وبه قال ابن المسيب وعطاء والزهري وربيعة وأحمد، ولا ينعقد إلا بلفظ التزويج والإنكاح.
وقال أبو حنيفة وأصحابه: ينعقد به وبلفظ البيع والتمليك والصدقة، وفي لفظ الإجارة عنه روايتان.
وقال مالك: ينعقد بذلك إذا ذكر المهر.
وأما للنبيّ - صلى الله عليه وسلم - ففي انعقاده بلفظ الهبة وجهان، ومع الانعقاد فإنه كان خالصًا له بقوله عز وجل: {خَالِصَةً لَكَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ} (¬2).
¬__________
(¬1) في الأصل: أخد جواز، وهو خطأ.
(¬2) سورة الأحزاب، آية (50).

الصفحة 432