كتاب الشافي في شرح مسند الشافعي (اسم الجزء: 4)

وأما تسمية الصداق وذكره في العقد فليس بشرط ولا واجب ولكنه مستحب، فإذا ترك ذكره انعقد النكاح، وإذا عقد النكاح بمجهول أو حرام ثبت العقد ولها مهر مثلها، وبه قال عامة الفقهاء إلا ما يحكي عن مالك -في إحدى الروايتين- وعن أحمد: أن النكاح يفسد، ولا تحديد للمهر فيجوز أن يكون قليلاً وكثيرًا، وبه قال الثوري وأحمد وإسحاق وأبو ثور.
قال أبو حنيفة ومالك: أقله مقدر بما قطع به السارق، فأبو حنيفة يقدره بعشرة دراهم، ومالك بربع دينار.
وقال النخعي: أقله أربعون درهمًا. وقال ابن جبير: خمسون درهمًا. وقال ابن شبرمة: أقله خمسة دراهم.
ومع ذلك فالمستحب تخفيف الصداق.
وأما النكاح بتعليم القرآن فيجوز، وبه قال مالك إلا أنه قال: يكره.
وقال أبو حنيفة: لا يجوز، وعن أحمد روايتان، فإن طلقها قبل الدخول ففيه قولان: أحدهما أن لها مثل نصف مهر المثل، والثاني: أن لها نصف أجرة التعليم، والله أعلم.
وأخبرنا الشافعي -رضي الله عنه- أخبرنا سفيان، عن حميد الطويل، عن أنس بن مالك: "أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لما قدم المدينة أسهم الناس المنازل، فطار سهم عبد الرحمن بن عوف على سعد بن الربيع، فقال له سعد: تعال حتى أقاسمك مالي، وأنزل لك عن أي امرأتي شئت -وفي نسخة: وأترك لك أي امرأتي شئت- وأكفيك العمل. فقال له عبد الرحمن: بارك الله لك في أهلك ومالك، دلوني على السوق، فخرج إليه، فأصاب شيئًا، فخطب امرأة فتزوجها، فقال له رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: على كم تزوجتها يا عبد الرحمن؟ فقال: على ثقل نواة من ذهب. قال: أولم ولو بشاة".

الصفحة 433