كتاب الشافي في شرح مسند الشافعي (اسم الجزء: 4)

و"النَّش" -بفتح النون-: عشرون درهما، وهو نصف أوقية.
قال الأزهري: قال ابن الأعرابي: النَّشُّ: النصف من كل شيء، نَش الدرهم نصفه، ونَش الرغيف نصفه، وقد جاء في رواية الشافعي في أكثر النسخ اثنى عشر أوقية ونش بالرفع وتذكير الأوقية وإنما الرواية بالنصب والتأنيث، أما النصب فلأنه خبر كان، واسمها "صداق أزواجه"، وأما التأنيث فلأن الأوقية مؤنثة، ولا شك أنه تغيير وتحريف من النساخ، وهذا وأمثاله كثير مما يجيء في كتب الحديث؛ لكثرة من يقرؤها ويكتبها من غير أهلها، وقد ذكرنا في حديث سهل بن سعد اختلاف الأئمة في مقادير الصَّدُقَات، وما يصح أن يكون صداقًا، ما فيه كفاية، ونحن نشير ها هنا إلى طرف من ذلك يزيده بيانًا، فنقول: لا حد لكثرة الصداق، وقد جعل الله عز وجل في الصداق قنطارًا في قوله: {وَآتَيْتُمْ إِحْدَاهُنَّ قِنْطَارًا} (¬1) والقنطار: سبعون ألف دينار، وقيل: مائة رطل -وهو الأشبه- وقيل: ملء جلد ثور ذهبًا. وروي أن عمر بن الخطاب قال: "لا تغالوا في صدقات النساء، فلا يبلغني أحدًا ساق أكثر مما ساقه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلا جعلت الفضل في بيت المال، فاعترضته امرأة وقالت: كتاب الله أحق أن يتبع، أيعطنا الله ويمنعنا ابن الخطاب؟ فقال: أين؟ فقالت: قال الله تعالى: {وَآتَيْتُمْ إِحْدَاهُنَّ قِنْطَارًا} (1) فقال: كل الناس أفقه من عمر، فرجع عن ذلك" (¬2) وروي عنه أنه أمهر أم كلثوم بنت علي بن أبي طالب أربعين ألف درهم، ومع ذلك فإن المستحب تخفيف الصداق، والأفضل منه الاقتداء بما أمهر به رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نساؤه، وهو ما تضمنه هذا الحديث وهو خمس مائة درهم فضة.
¬__________
(¬1) سورة النساء، آية (20).
(¬2) أخرجه البيهقي في الكبرى (7/ 233) وقال: منقطع.
قلت: وفيه مجالد بن سعيد وفيه ضعف.

الصفحة 438