كتاب الشافي في شرح مسند الشافعي (اسم الجزء: 4)

والثاني: أنهما حاكمان. نص عليه في كتاب "أحكام القرآن" وبه قال مالك والأوزاعي، واختاره ابن المنذر قال: إنهما وكيلان فلا يفعلان شيئًا حتى يأذن الرجل لأحدهما بما يراه من طلاق أو صلح، وحتى تأذن المرأة للآخر بما تراه من خلع أو صلح، وإن قلنا: إنهما حاكمان؛ فإنهما يمضيان ما يرياه من طلاق وخلع وصلح، وينفذ ذلك عليهما رضيا أو لم يرضيا, ولا يكون الحكمان إلا حُرَّين، بالغين، عاقلين، ذكرين، عدلين.
قال الشافعي: حديث علي -رضي الله عنه- ثابت عندنا، وهو إن شاء الله كما قلنا.
وقال: ولو جاز للحاكم أن يبعث حكمين بفرقة بلا وكالة الزوج ما احتاج علي أن يقول لهما: ابعثوا. ولبعث هو ولقال للرجل: إن رأيا الفراق أمضيا ذلك عليه وإن لم يأذن به.
قال: ويشبه أن يكون الحديث عن عثمان كالحديث عن علي -يريد بحديث عثمان الذي نذكره الآن- ثم قال: ولو قال قائل: يخيرهما السلطان على الحكمين كان مذهبًا.
وأخبرنا الشافعي، أخبرنا مسلم، عن ابن جريج، عن [ابن] (¬1) أبي مليكة، سمعته يقول: "تزوج عقيل بن أبي طالب فاطمة بنت عتبة وقالت: اصبر لي وأنفق عليك، فكان إذا دخل عليها [تقول له: أين عتبة وشيبة؟ فيسكت عنها، فدخل يومًا برمًا] (¬2) فقالت: أين عتبة بن ربيعة، وأين شيبة بن ربيعة؟ فقال: على يسارك في النار إذا دخلت. فشدت عليها ثيابها، فجاءت عثمان بن عفان، فذكرت له ذلك، فأرسل ابن عباس ومعاوية، فقال ابن عباس: لأفرقن
¬__________
(¬1) ليست في "الأصل".
(¬2) سقط من "الأصل"، والمثبت من مسند الشافعي (1/ 262) وانظر "الأم" (5/ 116)، و (5/ 195).

الصفحة 453