كتاب الشافي في شرح مسند الشافعي (اسم الجزء: 4)

قلت: والذي رأيته ورويته في "الموطأ" (¬1): عن مالك، عن يحيى بن سعيد، عن عمرة بنت عبد الرحمن، أنها أخبرته عن حبيبة بنت سهل الأنصاري: "أنها كانت تحت ثابت" هذا اللفظ يقتضي صريحه أن رواية عمرة إنما هي عن حبيبة لأنه قال: إنها أخبرته عن حبيبة، وهذا صريح في الإسناد، وقد يجوز أن نتأول لفظة "عن" ويقال فيها: إنما أرادت عمرة أنها أخبرت يحيى بن سعيد عن شأن حبيبة، وأمرها كانت كذا وكذا، وهذا على خلاف الظاهر وإن كان اللفظ له محتملاً، وفائدة هذا القول من البيهقي (¬2) -رحمه الله- أن الحديث لم تروه عمرة، عن حبيبة، وإنما روته عن غيرها, ولذلك قال: وقد قيل: عن عبد الله بن أبي بكر، عن عمرة، عن عائشة: "أن حبيبة ... " فيكون الحديث على قول البيهقي مرسلاً، وعلى ما قلناه مسندًا عن حبيبة نفسها، ويشهد لصحة ذلك: الرواية التي أخرجها الشافعي، عن ابن عيينة ... وذكرها مسندة إلى حبيبة، وكذلك أخرجه أبو داود والنسائي.
أما أبو داود (¬3) فعن القعنبي، عن مالك ... "أنها أخبرته عن حبيبة".
وأما النسائي (¬4) فأخرجه عن محمد بن سلمة، عن القاسم، عن مالك ... "أنها أخبرته عن حبيبة".
وقد أخرج أبو داود (¬5) هذا الحديث أيضًا عن عمرة، عن عائشة: "أن حبيبة" كما قاله البيهقي والله أعلم.
"الغلس" ظلمة آخر الليل، و"الشأن" الحال والأمر.
¬__________
(¬1) "الموطأ" (1174).
(¬2) انظر المعرفة (5/ 441).
(¬3) أبو داود (2227).
(¬4) النسائي (3462).
(¬5) أبو داود (2228).

الصفحة 456