كتاب الشافي في شرح مسند الشافعي (اسم الجزء: 4)

وهذا فاسد؛ لأنه بيع غرر، فإنه بيع ما لم يخلق بعد، والنهي قد تقدم عن بيع ما لم يَبْدُ صلاحه، فكان بيع ما لم يُخلق آكد في باب النهي.
والذي جاء في الرواية الأخرى: "نهى عن المعاومة"، وهي مفاعلة من العام: السنة، وهو بيع السنين، وبيع السنين إنما هو ما كان بلفظ البيع واقعًا على بيع الأعيان، فأما في بيع الصفات فهو جائز مثل أن يسلف في الشيء إلى ثلاث سنين أو أكثر بإثبات الصفات، وهو السلم، وسيأتي ذكره في موضعه.
وأما الجوائح فهي جمع جائحة، وسيأتي بيانها في موضعها إن شاء الله.
وقد أخرج الشافعي -رضي الله عنه-، عن مالك، عن أبي حازم بن دينار، عن سعيد بن المسيب: "أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نهى عن الغرر".
وهكذا أخرجه المزني عنه مرسلاً، وهو حديث صحيح أخرجه مسلم (¬1)، وأبو داود (¬2)، والترمذي (¬3)، والنسائي (¬4) مرفوعًا عن أبي هريرة، عن النبي - صلى الله عليه وسلم -.
وقد أخرج الشافعي في "سنن حرملة"، عن إسماعيل بن عُلية، عن علي بن الحكم، عن نافع، عن ابن عمر قال: "نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن عسب الفحل" وهو حديث صحيح أخرجه البخاري (¬5) وأبو داود (¬6) والترمذي (¬7).
وأخرج الشافعي -رضي الله عنه- عن سعيد سالم عن شيبة بن عبد الله البجلي من أهل البصرة، عن أنس بن مالك: "أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نهى عن ثمن الفحل".
¬__________
(¬1) مسلم (1513).
(¬2) أبو داود (3376).
(¬3) الترمذي (1230).
(¬4) النسائي (4518).
(¬5) البخاري (2284).
(¬6) أبو داود (3429)
(¬7) الترمذي (1273).

الصفحة 46