كتاب الشافي في شرح مسند الشافعي (اسم الجزء: 4)

والمراد في هذا الحديث الطلاق الثاني، وهو المحظور.
والطلاق على اختلاف أنواعه متى أضيف إلى الزوج وقع، سواء كان محظورًا أو واجبًا أو مكروها أو مستحبًا، وإلى ذلك ذهب عامة الفقهاء، وقد حكينا ما ذهبت إليه الشيعة من أن الطلاق في الحيض لا يقع؛ أخذًا بقوله تعالى: {فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ} (¬1) والعدة لا يعتد بها في زمان الحيض.
قال الشافعي: في أمر النبي - صلى الله عليه وسلم - ابن عمر أن يراجع امرأته دليل على أنه لا يقال له: راجع إلا من قد وقع عليه طلاقه لقوله تعالى في المطلقات: {وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ في ذَلِكَ} (¬2) ولم يقل هذا في ذوات الأزواج، وأن معروفًا في اللسان بأنه إنما يقال للرجل: راجع امرأتك. إذا افترق هو وامرأته، قال: وفي حديث أبي الزبير شبيه به، ونافع أثبت عن ابن عمر من أبي الزبير، والأثبت من الحديثين أولى أن يقال به.
قال: وقد وافق نافعًا غيره من أهل الثبت في الحديث، فقيل له: "أحسبت تطليقة ابن عمر على عهد رسول - صلى الله عليه وسلم - تطليقة؟ قال: فمه وإن عجز" يعني أنها حسبت، وقد اتفق العلماء على انقسام الطلاق إلى سني وبدعي، فالبدعي هو الطلاق المحرم إنشائه وإن صح وقوعه، والسني لا تحريم فيه، ثم البدعي إنما يتعلق تحريمه بالمدخول بها فأما غير المدخول بها فلا، وكذلك إذا لم تسأل المرأة الطلاق، فأما مع سؤالها فليس ببدعة.
وأما طلاق السنة فهو أن يطلقها وهي طاهر.
قال الشافعي: فَبَيِّنٌ -والله أعلم- في كتاب الله جل ثناؤه بدلالة سنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن السنة في المرأة المدخول بها التي تحيض دون من سواها من المطلقات أن تطلق لقبل عدتها، وذلك أن حكم الله أن العدة على المدخول بها،
¬__________
(¬1) سورة الطلاق، آية (1).
(¬2) سورة البقرة، آية (228).

الصفحة 468