كتاب الشافي في شرح مسند الشافعي (اسم الجزء: 4)

والثانية: أن كنايات الطلاق يرجع فيها إلى الحالف.
أما الأولى فإن الرجل إذا طلق زوجته بصريح اللفظ أو بكنايته مع النية ثلاثًا وقع طلاقه ثلاثاً، كما صرّح أو كما نوى، وبه قال مالك وأبو حنيفة والثوري والأوزاعي وأهل الرأي.
وقال أحمد: إذا نوى بصريح اللفظ الطلاق أكثر من واحدة لا يقع إلا واحدة.
وقال الثوري وأصحاب الرأي أيضًا: يجوز إرادة الثلاث بالكناية، ولو أراد بها اثنتين لم يقع إلا واحدة بائنة.
ووجه الاستدلال من هذا الحديث: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لما استحلف ركانة على ما نوى، ولو لم تكن الثلاث تقع لما استحلفه وديَّنه.
وفيه دليل على أن الطلاق الثلاث مباح وليس ببدعة؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - سأله عن نيته ولم ينكر فعله.
وأما حكم كنايات الطلاق فإن ألفاظها كثيرة، وهي كل لفظة محتملة، إما جلية كقولك: خلية وبرية وبتة.
وإما خفية ولا يتم إلا بتقدير استعارة وإضمار، فكقولك: الحقي بأهلك وحبلك على غاربك، وكقوله: اعتدي، واستبرئي و [غير ذلك] (¬1) من ألفاظ الكنايات، والمقصود بالذكر ها هنا هو قوله: "البتة" وهي من جملة ألفاظ كنايات الطلاق، والكناية لا يقع بها الطلاق مطلقًا إلا إذا نوى الطلاق، وهذا الحالف لما قال: إني طلقت امْرأتي البتة ولم أرد إلا واحدة دَيَّنَهُ النبي - صلى الله عليه وسلم -، وليس الحلف شرطًا في ذلك وإنما فعله استظهارًا وتأكيدًا، فلما حلف "ما أردت إلا واحدة" قبل منه وأوقع عليه طلقة رجعية، وردها إليه.
¬__________
(¬1) تكررت في "الأصل".

الصفحة 472