كتاب الشافي في شرح مسند الشافعي (اسم الجزء: 4)

وأخبرنا الشافعي، أخبرنا ابن عيينة، عن عمرو، سمع محمد بن عباد بن جعفر يقول: أخبرني المطلب بن حنطب: "أنه طلق امرأته البتة، ثم أتى عمر بن الخطاب فذكر ذلك له فقال: ما حملك على ذلك؟ قال: قلت: قد فعلت. قال: فقرأ {وَلَوْ أَنَّهُمْ فَعَلُوا مَا يُوعَظُونَ بِهِ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ وَأَشَدَّ تَثْبِيتًا} (¬1) ما حملك على ذلك؟ قال: قد فعلت. قال: أمسك عليك امرأتك، فإن الواحدة تبت".
قول عمر: "ما حملك على ذلك؟ " كأنه تقريع وتوبيخ له على فعله وتطليقه، هذا هو ظاهر اللفظ، ألا ترى أن الإنسان إذا أقدم على فعل فأخطأ فيه يقال له توبيخًا وتقريعًا: ما حملك على ذلك.
وفيه استعلام عن الحامل له على ذلك والباعث على الإقدام على فعله.
قال الشافعي: معنى مسألة عمرُ المطلبَ "ما حملك على ذلك" يرددها [يعني] (¬2) والله أعلم: ما أردت بذلك؟ وقول المطلب: "قد فعلت" يعني والله أعلم: أي خرج مني بلا نِيَّة [زيادة] (2)، وفي حديث الليث بن سعد: ما يُبَينِّ أن معنى قول عمر ما وصفت.
قال الشافعي: فلما أخبره أنه لم يرد به زيادة على عدد الطلاق ألزمه [واحدة] (¬3) لأنه يديَّن في قوله.
قال الشافعي: وقوله: {وَلَوْ أَنَّهُمْ فَعَلُوا مَا يُوعَظُونَ بِهِ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ} (1) لو طلق فلم يذكر البتة كان خيرًا له؛ إذ كانت كلمة محدثة ليست في أصل الطلاق، تحتمل صفة جعلها للطلاق وزيادة في عدده، فنهاه عن المشكل من القول ولم ينه عن الطلاق، وهو لا يحلفه على ما أراد إلا ولو أراد
¬__________
(¬1) سورة النساء، آية (66).
(¬2) ليست في "الأصل"، والمثبت من المعرفة (5/ 472).
(¬3) تكررت في الأصل.

الصفحة 473