كتاب الشافي في شرح مسند الشافعي (اسم الجزء: 4)

"الخلية" فعلية بمعنى مفعولة، من خليت الشيء من يدي، أخليته: إذا تركته، والأصل فيه: الناقة إذا أطلقت من عقالها يقال لها: الخلية؛ لأنه خلى عنها، ويجوز أن يكون من قولهم: أنا منك خلاء، أي: براء.
وأما "البرية" فإنه من البراء، وهي الخلاص من الشيء، تقول: أنا بري، وهي برية.
وأخرج الشافعي هذا الحديث في خلاف مالك إلزامًا له في خلاف ابن عمر، فإنه يفرق بين المدخول وغير المدخول بها، ومالك يفرق بينهما في التي لم يدخل بها.
والذي ذهب إليه الشافعي: أن هذين اللفظين من ألفاظ كنايات الطلاق التي لا تقع إلا بالنية، والعدد ما أراده ونواه؛ إن واحدة فواحدة وإن اثنتين فاثنتين، وإن ثلاثًا فثلاثًا.
وقال مالك: الكنايات الظاهرة كقوله: أنت برية، وبائنة، وبتة، وحرام، يقع بها الثلاث، سواء نوى الثلاث أو لم ينوه، إلا أن تكون غير مدخول بها فيقبل قوله فيما نوى.
وقال أبو حنيفة: الكنايات بوائن إلا قوله: اختاري. إن نوى بها واحدة كانت واحدة، وإن نوى ثلاثًا كان ثلاثًا، وإن نوى ثنتين وقع واحدة ولا يقع بها طلقتان.
وقد أخرج الشافعي فيما بلغه عن هشيم، عن منصور، عن الحكم، عن إبراهيم: "أن عليًّا -كرم الله وجهه- قال في الخلية والبرية والحرام: ثلاثًا، ثلاثًا".
وفيما بلغه عن محمد بن يزيد ومحمد بن عبيد وغيرهما، عن إسماعيل، عن الشعبي، عن رياش بن عدي الطائي قال: "أشهد أن عليًّا جعل البتة

الصفحة 475