كتاب الشافي في شرح مسند الشافعي (اسم الجزء: 4)

وأكثر من الثلاث في أن يقضي بطلاقه.
"ارتجع" مضارع أَرْجَعَ، تقول: رجعت، أَرْجَع، راجعت الرجل أرجعه، ويتعدى ولا يتعدى، وهذيل تقول: أرجعت الرجل، فيعدونه بالهمزة، ومنه الرَّجعة في النكاح، بفتح الراء وكسرها والفتح أفصح.
و"شارفت" الشيء إذا وصلت إليه وقاربته، كأنك تشرف عليه وتنظر إليه.
و"أويت" فلانًا إلي فأنا أؤويه إذا ضممته إليك. والأصل فيه أنك أخذته إلى مأواك وهو منزلك.
وقوله: "لا تحلين أبدًا" يريد: لغيره من الأزواج؛ لأنها إذا لم تبن منه لا تحل لغيره، ومعنى قوله تعالى {الطَّلَاقُ مَرَّتَانِ} (¬1) أن التطليق الشرعي تطليقة بعد تطليقة على التفريق دون الجمع، ولم يرد بالمرتين الثلاثة وإنما أراد التكرار، كقوله تعالى: {ثُمَّ ارْجِعِ الْبَصَرَ كَرَّتَيْنِ} (¬2) أي كرة بعد كرة، ثم خيرهم -بعد أن علمهم كيف يُطَلِّقون- بين أن يمسكوا بمعروف أو ليسرحوا بإحسان، أي أمسكوهن بالمراجعة أو سرحوهن بترك المراجعة حتى تنقضي العدة، وقيل: معنى قوله: {الطَّلَاقُ مَرَّتَانِ} (1) الطلاق الذي يملك فيه الرجعة مرتان أي طلقتان، فعلى المطلق إمساك من غير إضرار، أو ترك من غير تعرض.
وقوله: "فاستقبل الناس الطلاق جديدًا" يريد أنهم بنوا أمرهم في طلاق نسائهم من وقت نزول هذه الآية بناءًا جديدًا، كأنهم اليوم ملكوا نكاحهن ولم يعتدوا بما كان تقدم من طلاق من طلق منهم ومن لم يطلق.
وأخبرنا الشافعي، أخبرنا مسلم وعبد المجيد، عن ابن جريج قال: أخبرني عكرمة بن خالد، أن سعيد بن جبير أخبره: "أن رجلاً جاء إلى ابن عباس
¬__________
(¬1) البقرة، آية (229).
(¬2) سورة الملك، آية (4).

الصفحة 491