كتاب الشافي في شرح مسند الشافعي (اسم الجزء: 4)

الحسن قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "الولاء لحمة كلحمة النسب لا يباع ولا يوهب" وهذا مرسل، وسنذكر كلام الشافعي على هذا الحديث في كتاب العتق إن شاء الله تعالى.
والذي ذهب إليه الشافعي -رضي الله عنه-: أن الولاء لا يجوز بيعه ولا هبته، وروي ذلك عن عمر وعلي وابن عباس وابن عمر، وبه قال ابن المسيب وطاوس وإياس بن معاوية والزهري ومالك وأبو حنيفة وصاحباه.
وروي عن ميمونة زوج النبي - صلى الله عليه وسلم - أنها وهبت ولاء مواليها لبني العباس، وأن عروة ابتاع ولاء طهمان لورثة مصعب بن الزبير.
وقد أخرج الشافعي -رضي الله عنه- في "سنن حرملة"، عن سفيان، عن عمرو ابن دينار، عن أبي المنهال، عن إياس بن عبدٍ أنه قال: "لا تبيعوا الماء؛ فإني سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ينهى عن بيع الماء، لا يدري عمرو أي ماء هو".
هذا الحديث أخرجه البخاري في كتاب "التاريخ" (¬1)، وقال: "نهى عن بيع فضل الماء".
قال الشافعي: معنى الحديث -والله أعلم- أن يباع الماء في الموضع الذي خلقه الله عز وجل فيه، وذلك أن يأتي بالبادية الرجل له البئر ليسقي بها ماشيته ويكون في مائها فضل عن ماشيته، فَنُهي عن منعه؛ لأن في منعه أن يسقي ماشيته منعًا للكلأ لا بملك (¬2).
¬__________
(¬1) التاريخ الكبير (1/ 440)، والحديث أخرجه أيضًا الترمذي (1271) من طريق داود بن عبد الرحمن العطار عن عمرو بن دينار به وقال: حديث إياس حديث حسن صحيح والعمل على هذا.
وكذا أخرجه النسائي (4661) من طريق سفيان، عن عمرو بن دينار به. والحديث أخرجه مسلم عن جابر بن عبد الله (1565).
(¬2) انظر معرفة السنن (8/ 180).

الصفحة 52