كتاب الشافي في شرح مسند الشافعي (اسم الجزء: 4)

عليه، وقيل: هو أن يجعل اللمس بالليل في الظلمة قطعًا للخيار، وهذا كله بيع غرر ومجهول.
وأما "المنابذة" فهي أن يقول أحد المتبايعين للآخر: إذا نبذت إلى الثوب أو نبذته إليك فقد وجب البيع.
والذي ذهب إليه الشافعي -رضي الله عنه-: أن بيع الملامسة باطل؛ لأنه تعليق على اللمس أو عدول عن الصيغة الشرعية، وكذا بيع المنابذة باطل أيضًا كما قلنا في الملامسة، أو لأن المعاطاة لا يصح البيع بها عند الشافعي.
وقد أخرج المزني، عن الشافعي -رضي الله عنه- عن سفيان، عن الزهري، عن عطاء بن يزيد، عن أبي سعيد الخدري: "أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نهى عن بيعتين وعن لبستين، فأما البيعتان فالملامسة والمنابذة، وأما اللبستان فاشتمال الصماء والاحتباء في ثوب واحد".
هذا حديث صحيح أخرجه البخاري (¬1) ومسلم (¬2) وأبو داود (¬3) والنسائي (¬4) وقد جاء في بعض طرقهم عن أبي سعيد تفسير هذه الأشياء (¬5).
قال: "الملامسة في البيع لمس الرجل ثوب الآخر بيده بالليل أو بالنهار لا يقلبه، والمنابذة أن ينبذ الرجل إلى الرجل ثوبه وينبذ الآخر بثوبه إليه ويكون ذلك بيعهما من غير نظر ولا تراض، واشتمال الصماء أن يجعل ثوبه على أحد عاتقيه فيبدو أحد شقيه ليس عليه ثوب، واللبسة الأخرى احتباؤه بثوبه ليس على فرجه منه شيءٌ".
¬__________
(¬1) البخاري (6284).
(¬2) مسلم (1512).
(¬3) أبو داود (3377).
(¬4) النسائي (5341).
(¬5) البخاري (5820).

الصفحة 59