كتاب الشافي في شرح مسند الشافعي (اسم الجزء: 4)

وأما الرواية الأخرى فإنه جاء بلفظة "من" الدالة على المبتاع بلفظ العموم؛ لأنها تقع على الواحد والاثنين والجمع.
وقوله: "بخير النظرين" أي بخير الرأيين لنفسه، وأي الأمرين كان في نظره خيرًا والأمران هما: الإمساك والرد، و"الباء" في "بخير" متعلقة بمحذوف تقديره: فهو عامل [بخير] (¬1) النظرين بعد الحلب، والظرف الذي هو "بعد" متعلق بخير النظرين أي هو مُخَيَّرٌ بعد الحلب، والرضا والسخط حالتان متضادتان.
"والصاع" مكيال يسع خمسة أرطال وثلث، أو ثمانية أرطال على اختلاف المذهبين، وقد تقدم القول في ذلك، "وصاعًا" منصوب على العطف على الضمير في "رَدَّها" أي ورد صاعًا.
و"السمراء" الحنطة كذا يسميها أهل الشام، وهو اسم لها مشهور عندهم ومعروف عند العرب.
وقوله في رواية الترمذي: "صاعًا من طعام" [و] (¬2) ها هنا "التمر" لتعاضد الروايات بالتصريح بلفظ التمر، وإن كان الطعام في الأصل يقع على كل ما يقتات ويؤكل، ويدخل فيه الحنطة والشعير والتمر ونحو ذلك من المطعومات، ولأن الغالب كان على أطعمتهم التمر.
وأما "المحفلة" فهي المصَرَّرة في المعنى، تقول: حفلت الناقة والشاة وأحفلها فهي مُحَفَّلة، وضرع حافل أي ممتلئ لبنًا.
والذي ذهب إليه الشافعي -رضي الله عنه- أن التصرية والتحفيل لا يجوز فعله؛ فإن فعله فاعل ودلس فباع ثم وقف المشتري عليه كان ذلك عيبًا فيها، وثبت له الخيار في الرد والإمساك، ورُوي مثل ذلك عن ابن مسعود وابن عمر وأبي هريرة وأنس، وبه قال مالك والليث وابن أبي ليلى وأحمد وإسحاق وأبو
¬__________
(¬1) في "الأصل": بخيرين.
(¬2) ليست في "الأصل" والسياق يقتضيها.

الصفحة 73