كتاب الشافي في شرح مسند الشافعي (اسم الجزء: 4)

يوسف وزفر.
وقال أبو حنيفة: ليس ذلك بعيب، ولا يثبت به الخيار.
وأما الصاع المردود معها فإنه مقابل وبدل عن اللبن الذي كان في الضرع عند العقد، وإنما لم يجب رد اللبن أو مثله أو قيمته لأن عين اللبن لا تبقى غالبًا، وإن بقيت فيمتزج بلبن آخر اجتمع في الضرع بعد العقد إلى تمام الحلب.
وأما المثلية فلأن القَدْر إذا لم يكن معلومًا بمعيار الشرع كانت المقابلة من باب الربا، وإنما قُدِّر من التمر [لأنه] (¬1) من جنس لفقد النقد عندهم غالبًا, ولأن التمر يشارك اللبن في المالية وكونه قوتًا وهو قريب منه؛ إذْ كانوا يأكلونه معه في بلادهم، يؤكد فهم هذا المعنى نص الشافعي رحمه الله تعالى على أنه لو رد الشاة المصراة بعيب آخر سوى التصرية رد صاعًا من التمر لأجل اللبن، وقد تردد الفقهاء فيما إذا أعطى بدل التمر قوتًا آخر، فمنهم من تبع التوقيف، ومنهم من رآه في [معنى] (¬2) إجرائه مجرى صدقة الفطر، وأما أبو حنيفة فإنه قال: لا يردها ولا يرد صاعًا، وإنما يرجع على البائع بالأرش، واحتج بأن هذا مخالف للأصول، لأن فيه تقويم المتلف بغير النقود، وفيه إبطال رد المثل فيما له مثل، وفيه تقويم القليل والكثير بقيمة واحدة وبمقدار واحدٍ.
والأصل أن الحديث إذا ثبت صحته عن النبي - صلى الله عليه وسلم - وجب العمل به، وصار أصلاً في نفسه، وهذا حديث صحيح متفق عليه، لا شبهة في طرقه وصحته، ولا هو منسوخ، ولا ضرورة تدعو إلى تأويله أو ترك العمل به، والأصول إنما صارت أصولًا بورودها من جهة الشارع، وهذا الخبر قد جاء كما جاءت الأصول، فوجب العمل به؛ لا سيما مع انتفاء المانع، وعلى أن تقويم المتلف بغير النقود موجود في بعض الأصول، كالدية، فإنها مقومة بالإبل، والغرة في
¬__________
(¬1) في "الأصل": لأن.
(¬2) في "الأصل": معناه.

الصفحة 74