كتاب الشافي في شرح مسند الشافعي (اسم الجزء: 4)

الجنين وكذلك تقويم القليل والكثير بقيمة واحدة كان من الموضحة فإنها ربما أخذت أكثر مساحة الرأس فيكون فيها خمس من الإبل، وربما كانت قدر الأنملة وفيها الخمس أيضًا، وديات الأصابع سواء على اختلاف مقاديرها، وكذلك جعل على صاحب الزكاة إذا لم يجد السنن الواجبة عليه أن يعطي عوضها مما هو موجود في إبله، وشاتين أو عشرين درهمًا جبرانًا لنقص ما بين السِّنَّينْ، ومعلوم أن ذلك لا يعتدل في التقويم في كل مكان وكل زمان، فإذا صح مثل هذا؛ فكيف ينكر العمل بخبر المصراة وإن خالف أصلاً آخر.
ومن العجب أن يقول بخبر الوضوء بالنبيذ وخبر القهقهة في الصلاة ونقضها الوضوء مع مخالفتهما الأصول وهما خبران ضعيفان [عند] (¬1) كل من عرف الحديث، كيف يمنع من العمل بهذا الحديث المتفق على صحته؟!
ثم التقويم على ضربين، أحدهما تقويم تعديل، والآخر تقويم توقيف، فتقويم التعديل يرتفع وينخفض على قدر ارتفاع الشيء وانخفاضه (وقيمة) (¬2) التوقيف هو ما جعل بإزاء الشيء الذي لا يكاد يضبط بمقدارٍ معلوم، واللبن غير معلوم المقدار فإنه قد يقل ويكثر كما ذكرناه، ويخلط بلبن آخر يحدث في ملك المشتري، وحيث كان مجهولاً لا يمكن ضبطه ولا يؤمن التنازع فيه بين البائع والمشتري، وردت الشريعة فيه بتوقيف معلوم يفصل بين المتبايعين، ويقطع مادة النزاع.
وأما مدة الخيار وذكْرُ الثلاث فإنها ذكر بالتقدير معرفة التصرية؛ فإنه لا يكاد يعرف ذلك قبل مضيها إذْ ربما كان اللبن غزيرًا مجموعًا، فلا يظهو نقصه في أقل من ثلاث فإذا مضت الثلاث واستبان له النقص؛ ثبت له الخيار.
وقيل: إذا عرف التصرية قبل انقضاء الثالث واستبان له النقص ثبت له
¬__________
(¬1) تكررت في "الأصل".
(¬2) كذا في "الأصل"، ولعل الصواب: وتقويم.

الصفحة 75