كتاب الشافي في شرح مسند الشافعي (اسم الجزء: 4)

الوقت فإن غيرها من البلاد الشمالية لا يبدو النضج فيها في هذا الأوان، فكان تقدير بدو النضج بالاحمرار والاصفرار اللذين لا يلازمان وقتًا مخصوصًا أولى، ولذلك قال النبي - صلى الله عليه وسلم - لما سئل عن الزهو قال: "أن يحمرّ أو يصفر" وسيرد ذلك في حديث أنس بن مالك (¬1)، ثم الغرض من بلوغ الثمار: زوال الغرر، وذلك يحصل ببدو صلاحها لا بطلوع الثريا.
والذي ذهب إليه الشافعي -رضي الله عنه- أن الثمرة إذا باعها ربها قبل بدو صلاحها بشرط القطع جاز، وإن باعها بشرط الإبقاء، أو مطلقًا [لم] (¬2) يجز، وبه قال مالك وأحمد وإسحاق.
وقال أبو حنيفة: إذا باعها مطلقًا جاز، وعنده أن المطلق يقتضي القطع في الحال؛ فهو بمنزلة اشتراط القطع.
وعند الشافعي يقتضي الإبقاء، فهو بمنزلة اشتراط الإبقاء، فأما إذا باعها بعد بدو صلاحها فإنه يجوز بشرط القطع، ومطلقًا، وبشرط الإبقاء إلى حال أخذها في العادة، وبه قال مالك وأحمد.
وقال أبو حنيفة وأصحابه: لا يجوز بشرط الإبقاء. إلا أن محمدًا قال: إذا تناهى عظمها يجوز فيها شرط الإبقاء، فأما بيان بدو الصلاح فإن كانت الثمرة مما يصفر أو يحمر أو يسود فبدو الصلاح في الأصل فيها هذه الألوان، فإن كانت مما يبيض فبدو صلاحها أن تبدو فيه الحلاوة ويصفو لونه، فإن كان مما [لا] (¬3) يتلون فبأن يطيب أكله.
وأخبرنا الشافعي -رضي الله عنه- أخبرنا مالك، عن حميد الطويل، عن أنس ابن مالك: "أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نهى عن بيع الثمار حتى تزهو، فقيل: يا رسول الله: وما تزهي؟ قال: حتى تحمر".
وقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "أرأيتم إذا منع الله الثمرة فبمَ يأخذ أحدكم مال
¬__________
(¬1) هو الحديث الآتي إن شاء الله.
(¬2) تكررت في "الأصل".
(¬3) ليست في "الأصل" والسياق يقتضيها.

الصفحة 8