كتاب الشافي في شرح مسند الشافعي (اسم الجزء: 5)

بما وضع في كتاب "الرسالة"، ولهذا بلغ من حرصه -رضي الله عنه- على إفهام المسترشدين أنه قال: وددت لو أن الناس نظروا في هذه الكتب ثم نحلوها غيري، طلبا منه للنصيحة لهم وأن قصده إنما كان من وضع الكتب وتسييرها في الناس ليدلهم البيان فيها على أن الأرجح من المذاهب التي هي الأتبع للكتاب والسنة، وما أشبه الكتاب والسنة تقربا إلى الله -جل ذكره-، غير ملتمس بها ذكرًا ولا شرفًا.
وأخبرنا الشافعي: أخبرنا ابن عيينة، عن سهيل بن أبي صالح، عن عطاء بن يزيد الليثي، عن تميم الداري قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - "الدين النصيحة، الدين النصيحة، الدين النصيحة، لله، ولكتابه، ولنبيه، ولأئمة المسلمين وعامتهم".
هذا حديث صحيح، أخرجه مسلم وأبو داود والنسائي.
فأما مسلم (¬1): فأخرجه عن محمد بن عباد المكي، عن سفيان، عن سهيل.
وعن محمد بن حاتم، عن ابن مهدي، عن سفيان. وفيه: قلنا لمن؟ قال: "لله".
وأما أبو داود (¬2): فأخرجه عن أحمد بن يونس، عن زهير، عن سهيل.
وفيه: قالوا: لمن؟.
وأما النسائي (¬3): فأخرجه عن يعقوب بن إبراهيم، عن عبد الرحمن، عن سفيان.
قوله: "الدين النصيحة" مبتدأ وخبر، وهذا اللفظ يجعل الدين كأن النصيحة هي جماع الدين وملاكه، لأن من لا نصح عنده وباطنه ملتبس
¬__________
(¬1) مسلم (55).
(¬2) أبو داود (4944).
(¬3) النسائي (7/ 156 - 157).

الصفحة 542