كتاب الشافي في شرح مسند الشافعي (اسم الجزء: 5)

وأما النصح لنبيه: فهو التصديق لنبوته، والطاعة له فيما أمر به ونهى عنه، وإخلاص العمل في اتباعه.
وأما النصح لأئمة المسلمين: فهو أن يطيعهم في الحق، ولا يرى الخروج عليهم بالسيف إذا جاروا.
وأما النصح لعامة المسلمين: فهو إرشادهم للحق، وتعريف جاهلهم وتقويم مائلهم، والأمر بالمعروف فيهم، والنهي عن المنكر بينهم، وغير ذلك مما ندب الشرع إليه، وحث عليه، وافترضه، وسنه.
وأخبرنا الشافعي: أخبرنا ابن عيينة، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد في قوله -تعالى-: {وَرَفَعْنَا لَكَ ذِكْرَكَ} (¬1) لا أذكر إلا ذكرتك، أشهد أن لا إله إلا الله، أشهد أن محمدًا رسول الله.
رفعنا: من الرفعة في الأمور وهو الشرف، وارتفاع القدر والمنزلة، لا ارتفاع الأجسام.
والذكر في اللغة: مصدر ذكرته أذكره ذكرًا، وحقيقته: إجراء اللفظ المعرب عن الشيء على لسان المتكلم، وهو مكسور الذال، وقد يطلق الذكر في مقتضى اللغة: على المدح، والثناء، والذم، والهجر، كقوله -تعالى-: {فاذكُرُوني أذكُرْكُم}، وكقوله: {أَهَذَا الَّذِي يَذْكُرُ آلِهَتَكُمْ} (¬2) وإنما يفرق بين الحالين بالقرائن والأوصاف.
وقوله: "لا أذكر إلا ذكرت" إطلاق عام أريد به خاص، ولذلك عقبه بالتفسير: كلما ذكر اسم الله -عز وجل- ذكر اسم النبي - صلى الله عليه وسلم -.
وقوله: "لك" فيه من الفائدة ما في زيادة الإفصاح بعد الإبهام، ألا ترى أنه لما قال: "ورفعنا لك" فهم من هذا اللفظ أن ثم مرفوعًا قبل أن يقول: "ذكرك"، فلما قال: "ذكرك" فافصح بذكر المرفوع، فعلم المعنى مبهمًا
¬__________
(¬1) الشرح: [2].
(¬2) الأنبياء: [36].

الصفحة 544