كتاب الشافي في شرح مسند الشافعي (اسم الجزء: 5)

أوحيت إليه وله، ووحيت إليه وله.
والصدقة: يريد بها فريضة الزكاة وتفصيلها الذي جاءت به السنة، أي أن الوحي نزل بتفصيل فريضة الزكاة على النبي - صلى الله عليه وسلم -، فبينه للناس مفصلاً بعد أن جاء في القرآن مجملاً.
وسن فلان يسن: إذا ابتدع شيئًا وعمله، والسنة: السيرة، تقول: سننت له سنة فاتبعها.
فقد اختلف في قوله -تعالى-: {وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى (3) إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى} (¬1) فقال قوم: أراد به القرآن، أي: ما يقرأه عليكم من كلام الله، ليس متحرفًا فيه ولا ناطقًا عن هواه ورأيه.
وقيل: إنه عام في كل ما يأمر به من أحكام الدين، أي: ليس صادرًا عن هواه ورأيه إنما هو وحي من الله -عز وجل.
وقد أخرج الشافعي قال: قال أبو يوسف: حدثنا خالد بن أبي كريمة، عن أبي جعفر، عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه دعى اليهود فسألهم فحدثوا حتى كذبوا على عيسى [عليه السلام] (¬2)، وصعد النبي - صلى الله عليه وسلم - على المنبر فخطب الناس فقال: "إن الحديث سيفشو عني فما أتاكم عني يوافق القرآن فهو عني، وما آتاكم عني يخالف القرآن فليس عني".
قال الشافعي لمن خاطبه في هذا المعنى فقال: هذا عني كما وصفت أفتجد حجة على من روى أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "ما جاءكم عني فاعرضوه على كتاب الله، فما وافقه فأنا قلته، وما خالفه فلم أقله".
قال الشافعي: فقلت له: ما روى هذا أحد يثبت في حديثه في شيء صغر ولا كبر، فيقال لنا: قد ثبتم حديث من روى هذا في شيء، وهذه رواية
¬__________
(¬1) [النجم: 3، 4].
(¬2) من المعرفة (13/ 153).

الصفحة 553