كتاب الشافي في شرح مسند الشافعي (اسم الجزء: 5)

سننه، فمن قبل عنه فإنما قبل بفرض الله، قال الله -تبارك وتعالى-: {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا} (¬1).
وأخبرنا الشافعي: أخبرنا ابن عيينة، عن محمد بن عجلان، عن أبيه، عن أبي هريرة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "ذروني ما تركتكم، فإنه إنما هلك من كان قبلكم بكثرة سؤالهم واختلافهم على أنبيائهم، ما أمرتكم من أمر فأتوا منه ما استطعتم، وما نهيتكم عنه فانتهوا".
وأخبرنا الشافعي: أخبرنا ابن عيينة، عن أبي الزناد، عن الأعرج، عن أبي هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - بمثله.
هذا حديث صحيح متفق عليه، أخرجه البخاري ومسلم والترمذي.
فأما البخاري (¬2): فأخرجه عن إسماعيل، عن مالك، عن أبي الزناد.
وأما مسلم (¬3): فأخرجه عن ابن أبي عمر، عن سفيان.
وأما الترمذي (¬4): فأخرجه عن هناد، عن أبي معاوية، عن الأعمش، عن أبي صالح، عن أبي هريرة.
والشافعي أخرجه في كتاب "أحكام القرآن".
ذروني: اتركوني ودعوني وهو فعل أمر من فعل متروك الاستعمال وهو: وذر، ومثله: ودع لم يستعمل أيضًا استغنوا عنه بترك، كذا يقوله النحويون ويدل عليه في جواب الأمر: "ما تركتكم" ولم يقل: ما وذرتكم لأنه لا يستعمل، وإن استعمل فشاذ لا يقاس عليه، ومعنى الكلام: اتركوني لا تسألوني عما لا يعنيكم في أمر دينكم مهما أنا تركتكم لا أقول شيئًا، ثم علل
¬__________
(¬1) الحشر: [71].
(¬2) البخاري (7288).
(¬3) مسلم (1337).
(¬4) الترمذي (2679).

الصفحة 555