كتاب الشافي في شرح مسند الشافعي (اسم الجزء: 5)

وقوله: "عليهن" في موضع نصب على الحال، أي: لا يغل كائنًا عليهن قلب مسلم، وإنما انتصب على النكرة لتقدمه، والمعنى: أن هذه الخلال المذكورة في الحديث من الإخلاص، والنصيحة، واللزوم يستصلح بها القلوب، فمن تمسك بها طهر قلبه من الدغل والفساد.
وهذا الحديث أخرجه الشافعي في كتاب "الرسالة" (¬1) للاحتياط في نقل الحديث وروايته، والمحافظة على ألفاظ النبي - صلى الله عليه وسلم -، وعلى إثبات خبر الواحد.
قال الشافعي: قال لي قائل: أذكر الحجة في تثبيت خبر الواحد، بنص خبر أو دلالة فيه أو إجماع؟ قلت: أخبرنا ابن عيينة. وذكر هذا الحديث ثم قال: فلما ندب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى استماع مقالته وتحفظها وأدائها امرءًا يؤديها، دل على أنه لا يأمر أن يؤدي عنه إلا من تقوم الحجة به على من يؤدي إليه. ثم ذكر أحاديث كثيرة قد تقدمت في الكتاب بأسانيدها في أبوابها.
وأخبرنا الشافعي: أخبرنا مالك، عن ابن شهاب، عن سالم أن عمر إنما رجع بالناس عن خبر عبد الرحمن بن عوف.
قال الشافعي: حين خرج إلى الشام فبلغه وقوع الطاعون بها.
هذا طرف من حديث طويل صحيح متفق عليه، أخرجه البخاري (¬2) ومسلم (¬3).
وأخرج أبو داود (¬4) منه طرفًا، وإنما أورد الشافعي منه هذا الطرف في كتاب "الرسالة" مستدلا به على قبول خبر الواحد، وأن عمر لما بلغه وقوع الطاعون بالشام؛ أشاروا عليه بالرجوع إلى المدينة فلم يواففهم على ذلك وقال: أفرارًا من
¬__________
(¬1) الرسالة رقم (1102).
(¬2) البخاري (5729).
(¬3) مسلم (2219).
(¬4) أبو داود (3103).

الصفحة 558