كتاب الشافي في شرح مسند الشافعي (اسم الجزء: 5)

والمعنى: من كذب عليَّ فلينزل في مكانه من النار.
وجاء به بلفظ الأمر جوابا بالشرط ليكون أبلغ في وجوب الفعل والذم له.
والكذب على النبي - صلى الله عليه وسلم - من الكبائر الموبقة، والذنوب المهلكة، لأنه مضر بأصل الدين مفسدة في أمر الإيمان" والكاذبون على النبي كثيرون، وقد اختلفت طرق كذبهم، وقد أشرنا إلى بعض ذلك في مقدمة كتابنا "جامع الأصول"، ولعناية الله بدينه وحفظ شريعته قيض لهؤلاء الكاذبين أولئك الأئمة الأعلام، الذين بحثوا عن أحوال الرواة، ونقبوا عن أمورهم، وتطلبوا مخرج الأحاديث ومصدرها وموردها، وكشفوها كشفًا جليا حتى أظهروا ما فيها من العوار، وأسقطوا ما تقوله الكذبة الأشرار، حيث لم يثبت على محل الاعتبار، ولا اطرد في قضية الأخبار.
وأخبرنا الشافعي: أخبرنا يحيى بن سليم، عن عبيد الله بن عمر، عن أبي بكر عن سالم، عن ابن عمر أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "إن الذي يكذب علي يبنى له بيت في النار".
هذا حديث حسن (¬1) مؤكد لما سبق من الأحاديث.
وقوله: "يبنى له بيت في النار" من أعظم ألفاظ الوعيد لأنه إيذان بأن مقره ومسكنه قد أعد له وهيئ وبني، فإن ذلك عند الله بمكان من الإعظام، ومحل من الإكبار، حتى يبنى لفاعله بيت في النار.
وأخبرنا الشافعي: أخبرنا عمرو بن أبي سلمة التنيسي، عن عبد العزيز بن محمد، عن أسيد بن أبي أسيد، عن، أمه قالت: قلت لأبي قتادة: ما لك لا تحدث عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كما يحدث عنه الناس؟ قالت: فقال أبو قتادة: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: "من كذب علي فليلتمس بجنبه مضجعا من
¬__________
(¬1) نعم بشواهده وإلا فإسناده لين فيه يحيى بن سليم، وعبيد الله بن عمر وهما مضعفان.

الصفحة 564