كتاب الشبهات الثلاثون المثارة لإنكار السنة النبوية عرض وتفنيد ونقض
(رائحة) ولده يوسف من مصر إلى الشام حتى لكأنهما يتعانقان في مكان واحد، وقد حكى القرآن هذه "المعجزة" على لسان يعقوب عليه السلام: {وَلَمَّا فَصَلَتِ الْعِيرُ قَالَ أَبُوهُمْ إِنِّي لَأَجِدُ رِيحَ يُوسُفَ لَوْلَا أَنْ تُفَنِّدُونِ} [يوسف: 94]
إن هذه الريح (الرائحة) التي حملتها يد القدرة الإلهية فأمتعت بها مشاعر يعقوب لم يشعر بها مجالسوه في المكان نفسه، فنسبوه إلى التخريف قائلين:
{ ... تَاللَّهِ إِنَّكَ لَفِي ضَلَالِكَ الْقَدِيمِ} [يوسف: 95]
ولم يقف عطاء الله الإعجازي على يوسف وأبيه، بل كان لأم موسى - عليه السلام - منه نصيب.
ألم يقل لها أصدق القائلين مخبراً بوحيه إليها: {وَأَوْحَيْنَا إِلَى أُمِّ مُوسَى أَنْ أَرْضِعِيهِ فَإِذَا خِفْتِ عَلَيْهِ فَأَلْقِيهِ فِي الْيَمِّ وَلَا تَخَافِي وَلَا تَحْزَنِي إِنَّا رَادُّوهُ إِلَيْكِ وَجَاعِلُوهُ مِنَ الْمُرْسَلِينَ} [القصص: 7]
فقد أخبرها بأنه سيرده إليها، ويجعله رسولاً، وهذا غيب زماني كما ترى.
ثم وقع هذا الغيب بشقيه: الرد، والرسالة، كما أخبر الله أم موسى:
أما الرد فقال الله فيه:
{فَرَدَدْنَاهُ إِلَى أُمِّهِ كَيْ تَقَرَّ عَيْنُهَا وَلَا تَحْزَنَ....} [القصص: 13]
وأما الرسالة، فقد قال الله فيها:
{وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَاسْتَوَى آتَيْنَاهُ حُكْمًا وَعِلْمًا وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ} [القصص: 14]
أفليست هذه غيوباً أطلع الله عليها بعض رسله وأوليائه؟
وكذلك صنع الله - عز وجل - مع رسوله الكريم عيسى بن مريم عليه السلام،