كتاب صحيح الترغيب والترهيب (اسم الجزء: 1)

في تخريجهم للأحاديث كالذهبي، والعراقي، والعسقلاني وغيرهم، فمن أولئك من يتذكر، و {إنما يتذكر أولوا الألباب} ويقنع، ومنهم من يُفحم ويَخنس! وأكثر هؤلاء ممن يحسبون أنهم على شيء من هذا العلم، وليسوا على شيء، والواحد منهم كما قال الذهبي رحمه الله: "يريد أن يطير ولما يريش"! فقد بلوناهم، وابتُلينا بهم. والله المستعان. (¬1)
وإنّ من فوائد استعمال الاصطلاحين الأخيرين أنه قد يكون في بعض أحاديثهما جملة أو لفظة قد يستشكلها البعض، ويكون له في ذلك وجهة نظر، فيكون له في الاصطلاح المذكور ما ينبهه ويساعده على الرجوع إلى المتن الصحيح لذاته إن وجد، أو إلى تتبع المتون الأخرى، فقد يتبين له بذلك ما يزيل الإشكال.
ولقد كلفني هذا الاصطلاح العلمي النافع إن شاء الله تعالى جهداً جهيداً، وتعباً شديداً، وزمناً مديداً، لأنه اقتضاني مراجعة المرتبتين المشار إليهما آنفاً في الأحاديث كلها أو جلها، لتعديلها إلى المراتب الخمس الجديدة، حتى قد شعرت أنني لو شرعت بتأليفه من جديد كان أهون علي!
لكن الخير كل الخير فيما يقدره الله لعبده المؤمن، فقد نبهني الله عز وجل في أثناء هذه الدراسة على أوهام كثيرة أخرى للمؤلف رحمه الله تعالى في التخريج والمتون وغيرهما سوى التي كنت نبهت عليها فيما سبق. كما تنبهت لبعض الأوهام التي صدرت مني أنا، فانظر مثلاً التعليق على الحديث (2) من (5 - الصلاة/ 31).
وإن من ذلك الخير أنني بينت أن التزام هذا الاصطلاح أمر لا بد منه، لما
¬__________
(¬1) وراجع لهذا السبب مقدمتي لـ "صحيح ابن ماجه" (ص 6 - 7/ طبعة المعارف).

الصفحة 11