كتاب صحيح الترغيب والترهيب (اسم الجزء: 1)

21 - عاقبة التساهل برواية الأحاديث الضعيفة وكتم بيانها
والحقيقة؛ أن تساهل العلماء برواية الأحاديث الضعيفة ساكتين عنها قد كان من أكبر الأسباب القوية التي حملت الناس على الابتداع في الدين؛ فإن كثيراً من العبادات، التي عليها كثير منهم اليوم إنما أصلها اعتمادهم على الأحاديث الواهية، بل والموضوعة، كمثل التوسعة يوم عاشوراء، الحديث (617 و618) "ضعيف الترغيب"، وإحياء ليلة النصف من شعبان، وصوم نهارها، الحديث (624)، وغيرها. وهي كثيرة جداً، تجدها مبثوثة في كتابي "سلسلة الأحاديث الضعيفة والموضوعة وأثرها السيّئ في الأمة"، وساعدهم على ذلك تلك القاعدة المزعومة القائلة بجواز العمل بالحديث الضعيف في الفضائل، غير عارفين أن العلماء المحققين قد قيدوها بقيدين اثنين:
أحدهما حديثي، وقد سبق تفصيله، وخلاصة ذلك أن كل من يريد العمل بحديث ضعيف ينبغي أنْ يكون على علم بضعفه، لأنه لا يجوز العمل به إذا كان شديد الضعف. ولازمُ هذا الحدُّ من العمل بالأحاديث الضعيفة وانتشارها بين الناس، لو قام أهل العلم بواجب بيانها.

ب- القيد الفقهي
وأما القيد الآخر وهو الفقهي، فهذا أوان البحث فيه، فأقول: قد دندن الحافظ ابن حجر حوله في الشرط الثاني المتقدم (ص 48) بقوله:
"وأن يكون الحديث الضعيف مندرجاً تحت أصل عام .. ".
إلا أن هذا القيد غير كاف في الحقيقة، لأن غالب البدع تندرج تحت أصل

الصفحة 54