كتاب صحيح الترغيب والترهيب (اسم الجزء: 2)

قال: ثم أقبلَ (¬1). حتى إذا بدا له أحُدٌ قال:
"هذا جبلٌ يحبُّنا ونحبُّه" (¬2). فلما أشرف على المدينةِ قال:
"اللهم إني أُحَرِّمُ ما بين جبليها مثلَ ما حرمَ إبراهيمُ مكةَ، -قال-: اللهم باركْ لهم في مدِّهم وصاعِهم".
رواه البخاري ومسلم -واللفظ له-.
قال الخطابي في قوله: "هذا جبل يحبُّنا ونحبُّه":
"أراد به أهل المدينة وسكانها كما قال تعالى: {وَاسْأَلِ الْقَرْيَةَ} أي: أهل القرية.
قال البغوي: والأولى إجراؤه على ظاهره، ولا ينكر وصف الجمادات بحب الأنبياء والأولياء وأهل الطاعة كما حنَّت الأسطوانة على مفارقته - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حتى سمع القوم حنينها إلى أن سكِّنها، وكما أخبر: أن حَجَراً كان يسلم عليه قبل الوحي. فلا ينكر عليه أن يكون جبل أحد وجميع أجزاء المدينة تحبّه وتحنّ إلى لقائه حالة مفارقته إياها".
(قال الحافظ): "وهذا الذي قاله البغوي حسن جيد. والله أعلم".

1209 - (24) [صحيح لغيره] وقد روى الترمذي من حديث الوليد بن أبي ثور عن السُّدّي عن عَبّاد (¬3) بن أبي يزيد عن علي بن أبي طالب قال:
كنت مع النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بمكة، فخرجنا في بعض نواحيها، فما استقبله جبلٌ
¬__________
(¬1) أي: من خيبر.
(¬2) قيل: على حذف مضاف؛ أي: يحبنا أهله، ونحب أهله. فحذف المضاف وأقيم المضاف إليه مقامه، وأهله هم أهل المدينة. وقيل: على حقيقته، وهو الصحيح عند أهل التحقيق، إذ لا يستبعد وضع المحبة في الجبال وفي الجذع اليابس، حتى إنه حنَّ إلى النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - والله أعلم.
(¬3) الأصل ومطبوعة عمارة: (عبادة)، والتصحيح من "الترمذي" وكتب الرجال.
وللحديث طريق أخرى خرجته من أجلها في "الصحيحة" (2670).

الصفحة 60